صلاة الجمعة ليس لها راتبة قبلها، لكن لها راتبة بعدها، وهي أربع ركعات؛ لما ثبت في صحيح مسلم (٨٨١) عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَلَّى أحدُكم الجُمُعةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا". وفي الصحيحين عن ابن عمر، رضي الله عنهما: كَانَ لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ. البخاري (٩٣٧) ومسلم (٨٨٢) . وقد جمع بعض أهل العلم بين الحديثين بأنه إن صلى في المسجد صلى أربعًا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله. وقال آخرون: بل يصلي ست ركعات، جمعًا بين الحديثين، وهو رواية عن الإمام أحمد، وذهب إليه بعض السلف كسفيان الثوري وعطاء ومجاهد، وقال آخرون: بل يصلي بعد الجمعة أربع ركعات مطلقًا، سواء صلى في المسجد أو في البيت؛ لأن هذا صريح القول من النبي صلى الله عليه وسلم، وصلاته ركعتين من فعله، وفعله لا يعارض قوله؛ لأنه يخرَّج على عدة احتمالات، وعندي أن هذا القول أصح، أن راتبة الجمعة البعدية أربع ركعات مطلقًا؛ فإذا صلى الإنسان الجمعة فإنه يصلي بعدها أربع ركعات سفرًا أو حضرًا، وسواء صلاها في المسجد أو في البيت، وحينئذ فيكون يوم الجمعة مستثنى من عموم حديث:"مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ". أخرجه مسلم (٧٢٨) . والله أعلم.