وقال القرطبي:" اشتملت هذه السورة على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف كماله تعالى, لم يوجدا في غيرها من السور وهما "الأحد"، "الصمد"؛ لأنهما يدلان على أحادية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك أن "الأحد" يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، وأما "الصمد": فهو المتضمن لجميع أوصاف الكمال، فإن "الصمد" هو الذي انتهى سؤدده بحيث يصمد إليه في الحوائج كلها، أي يقصد، ولا يصح ذلك تحقيقاً إلا ممن حاز جميع خصال الكمال حقيقة، وذلك لا يكمل إلا لله -تعالى- فهو الأحد الصمد الذي:(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ، فقد ظهر أن لهذين الاسمين من شمول الدلالة على الله تعالى وصفاته ما ليس لغيرهما من الأسماء، وأنهما ليسا موجودين في شيء من سور القرآن، فظهرت خصوصية هذه السورة بأنها ثلث القرآن" [المفهم (٢/٤٤١- ٤٤٢) ] .
وقد ورد في فضل هذه السورة أحاديث أخرى، منها: حديث عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ فِي صَلاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بـ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ:"سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟ " فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ" أخرجه البخاري (٧٣٧٥) ، ومسلم (٨١٣) .