القول الثاني: تعميم معنى (سبيل الله) ، فيشمل كل وجوه البر والخير، وقال بهذا القول من الصحابة أنس بن مالك، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- ومن التابعين الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وقال به الكاساني من الحنفية، وابن عبد الحكم، وابن جزي من المالكية، والقفال، والرازي من الشافعية، ومن الفقهاء المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ويوسف القرضاوي، وعبد الكريم زيدان، وأبو بكر الجزائري، وبحث هذا الموضوع في المجمع العلمي بمكة المكرمة التابع لرابطة العالم الإسلامي في الدورة (الثامنة) المنعقدة في جمادى الأولى عام (١٤٠٥هـ) برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وأجاز بالأكثرية (جواز صرف الزكاة للدعوة إلى الله، وما يعين عليها ويدخل في أعمالها) .
والذي يظهر رجحان القول الثاني؛ لعموم لفظ (سبيل الله) في نصوص الكتاب والسنة، كقوله تعالى:"مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم". [البقرة:٢٦١] ، وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح:"جاهدوا المشركين بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم" أخرجه أبو داود (٢٥٠٤) والنسائي (٣٠٩٦) . فالجهاد أعم من القتال بالأنفس.
ثم إن الإنفاق من الزكاة على الدعوة إلى الله أولى من الإنفاق على من يريد الحج؛ لأن من لم يجد الزاد والراحلة للحج غير مستطيع له، فلا يجب عليه، ثم إن نفع الحج قاصر على صاحبه فقط، ونفع الدعوة متعدٍ إلى الغير، وعام للمسلمين.
ومن أراد التوسع في أدلة القولين فليراجع كتابنا (مصرف "في سبيل الله" بين الخصوص والعموم) .