ويرجع القرآن بالإنسان إلى أصول أولية للبويضة المخصبة نحو السائل المنوي المماثل للماء عديد النطف، وأصول جيولوجية أبعد كالطين، ليدرك أن معرفة الله وعبادته هي القصد من كل تكوين, يقول العلي القدير:"الّذِيَ أَحْسَنَ كُلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ. ثُمّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مّن مّآءٍ مّهِينٍ"[السجدة: من ٧-٨] .
وندرك اليوم أهمية المني في الإنجاب, ونعرف أن نخبة أو سلالة هي التي تنجح بالفعل في بلوغ البويضة, ويرجع القرآن بالإنسان إلى أصل ضئيل في مرأى العين، ويمضى به نحو قاع الضآلة، ثم ينقله فجأة إلى وليد مكتمل القسمات ليشهد بالقدرة المفزعة, يقول العلي القدير:"أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ. فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مّكِينٍ. إِلَىَ قَدَرٍ مّعْلُومٍ. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ"[المرسلات: ٢٠-٢٣] ، وفي قوله تعالى:"كَلاّ إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ"[المعارج: ٣٩] ؛ يشير إلى الإبهام بضآلة الأصل، ويضاعف الإعراض قدر الجريمة، ويجعل المتهم شاهد عيان يعرف بنفسه الحكم.
ولا يقوم بالإخصاب إلا مكون منوي واحد من السائل المنوي المماثل للماء عديد النطف (حوالي ٦٠ مليون\ ميلليليتر) , يقول العلي القدير:"أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ"[القيامة: ٣٦-٣٧] , والمدهش أن يعدل القرآن في وصف مكونات المني المماثل للماء إلى اسم الفاعل "دافق" بدلا من اسم المفعول قبل أن نعاين بالمجهر حركته الذاتية, يقول تعالى:"فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّاءٍ دَافِقٍ"[الطارق: ٥-٦] .