للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما قتل سبعون رجلاً من حُفَّاظِه دعت الحاجة إلى جمع ما كتب مفرقًا في مصحف واحد في منتصف خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - باقتراح من عمر -رضي الله عنه-.وبعد وفاة أبي بكر - رضي الله عنه - تسلم المصحف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، وبعد وفاته ظل المصحف في حوزة ابنته أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها-، وفي هذه الفترة كان حفظ القرآن في الصدور هو المتبع كذلك. وانضم إلى حُفَّاظه من الصحابة - رضي الله عنهم - بعد انتقال النبي -عليه الصلاة والسلام - إلى الرفيق الأعلى، التابعون من الطبقة الأولى، وكانت علاقتهم بكتاب الله هي الحفظ بتفاوت حظوظهم فيه قلة وكثرة، وحفظًا للقرآن كله، وممن اشتهر منهم بحفظ القرآن كله التابعي الكبير الحسن البصري -رضي الله عنه- وآخرون. كان هذا أول جمع للقرآن، والذي تم فيه هو جمع الوثائق التي كتبها كتبة الوحي في حضرة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-،بمعنى تنسيق وثائق كل سورة مرتبة آياتها على نسق نزولها، ولا معنى لهذا الجمع إلا هذا، وإطلاق وصف المصحف عليه إطلاق مجازي. والغاية منه أن يكون مرجعًا موثوقًا به عند اختلاف الحفاظ.

ومما يجب التنبيه إليه مرات أن الجمع في عهد أبي بكر وعثمان -رضي الله عنهما - لم يضف شيئًا أو يحذفه من تلك الوثائق الخطية، التي تم تدوينها في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- إملاءً منه على كتبة وحيه الأمناء الصادقين. فالجمع في عهد أبي بكر وعثمان - رضي الله عنهما- لم يُدْخِِِِِلا على رسم الآيات ولا نطقها أي تعديل أو تغيير أو تبديل، وفي كل الأماكن والعصور واكب حفظ القرآن تدوينه في المصاحف، وبقي السماع هو الوسيلة الوحيدة لحفظ القرآن على مدى العصور حتى الآن وإلى يوم الدين ومع كثرة انتشار الطباعة اليوم، وكثرة المصاحف، إلا أن هذا لا يغني عن الأخذ عن القراء المتقنين، وهذا من خصائص القرآن الكريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>