القول الأول: إن وقت الذبح ثلاثة أيام، يوم النحر، وهو يوم عيد الأضحى، ويومان بعده، وهو مروي عن ابن عباس وأبي هريرة وأنس بن مالك - رضي الله عنهم- وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد - رحمهم الله تعالى- قال ابن قدامة في ترجيح هذا القول:"ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عن الأكل من النسك فوق ثلاث فيما رواه البخاري (٥٥٧٤) ومسلم (١٩٧٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وغير جائز أن يكون الذبح مشروعاً في وقت يحرم فيه الأكل، ثم نسخ تحريم الأكل وبقي وقت الذبح بحاله، ولأن اليوم الرابع -وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة- لا يجب فيه الرمي، فلم يجز فيه الذبح كالذي بعده) ا. هـ.
والقول الثاني: إن وقت الذبح أربعة أيام: يوم النحر (يوم العيد) ، وأيام التشريق الثلاثة التي بعده اليوم الحادي عشر والثاني عشر، والثالث عشر، أي إلى غروب شمس الثالث عشر، وهذا روي عن علي ابن أبي طالب وابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم-، وبه قال الحسن وعطاء والأوزاعي والشافعي وبعض الحنابلة واختاره ابن تيمية - رحمهم الله تعالى-. لحديث جبير مطعم -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أيام التشريق ذبح" رواه أحمد (١٦٣٠٩) وابن حبان في صحيحه (٣٨٥٤) في الكبرى (١٠٠٠٦) والبيهقي، وله شواهد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وغيره وحسنه الألباني بشواهده في السلسلة الصحيحة رقم (٢٤٧٦) ، وهذا الحديث نص في المسألة، ولأن اليوم الثالث عشر من ذي الحجة يوم للرمي، وليلته ليلة مبيت كاليومين قبله فيشرع الذبح فيه، ولعل هذا القول أرجح وأظهر والله أعلم.
ولكن لا ينبغي الإنكار على من أخذ بالقول الأول ورجحه فله حظ من النظر وقد قال به جمع من الصحابة- رضي الله عنهم- ومن بعدهم من الأئمة فليس بدعاً من القول حتى ينكر على من قال به، فكلا القولين قوي كما قال الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره في أضواء البيان (٥/٤٩٥) والله تعالى أعلم.