أما اليوم فقد تطورت وسائل وأساليب حروب المدن، فأصبحت يستخدم فيها الأسلحة المتطورة من أنواع القنابل والألغام المضادة للأفراد والدبابات والأسلاك المفخخة التي لا يقتصر ضررها على الطرفين المتحاربين، بل يتعدى حتماً وواقعاً إلى السكان الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ، وإذا كان الأمر كذلك، - والحكم الشرعي فرع عن تصوره- فإن زرع الألغام في الشوارع والسكك والطرقات التي يطرقها المسلمون وغيرهم ممن يأخذ حكمهم أمر لا يجوز؛ لأنه يلحق عنها ضرر متيقن بالأبرياء، بل ربما تكون الضحايا منهم نتيجة هذه الألغام أكثر منها في العدو، فلا يجوز شرعاً تقصُّد قتل المسلمين ومعصومي الدماء والأبرياء من أجل أمر مظنون، وهو احتمال أن تقتل هذه الألغام عدواً كافراً لو مر عليها، وهذا الفعل من الإثم والعدوان والسعي بالفساد في الأرض؛ لأنه قتل للنفس المعصومة، وإفساد لأموال الناس وممتلكاتهم، وحروثهم، وترويع للأنفس.
وأخشى أن يدخل هذا الفعل في قتل العدوان، ولو حسنت نية صاحبه؛ لكونه يقصد في الأصل قتل العدو الأمريكي المحتل للعراق، ولا يدخل هذا الفعل (زرع الألغام في الشوارع العامة) ، في حكم (التترس) المعروف عند العلماء، والله يقول:"ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جنهم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدَّ له عذاباً عظيماً"[النساء:٩٣] ، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" أخرجه البخاري (٦٧، ١٧٣٩) ، ومسلم (١٢١٨، ١٦٧٩) . وفق الله الجميع إلى كل خير، وجنبنا الشر والأذى، آمين.