ومع ذلك فقد أثنى على أتباعها الأولين الذين صدقوا أنبياءهم وناصروهم، ولم يقتلوهم، ولم يحرفوا الكلم عن مواضعه، ووعدهم ما وعد المسلمين ـ أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ـ فأعد لهم جنات ومغفرةً وأجراً عظيماً.
ولا يصح إسلام أحد من ملة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يؤمن بالأنبياء والرسل كلهم ويصدِّق بكتبهم (غير المحرفة) ، فقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل، ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً" سورة [النساء: ١٤٦]
كما أثنى القرآن كثيراً على موسى وعيسى عليهما السلام، وبرأ مريم الصديقة مما رماها به المفترون من اليهود.
ومما استفاض في القرآن والسنة: أن دعوة الرسل واحدة وإن اختلفت شرائعهم التفصيلية، ودعوتهم هي توحيد الله سبحانه:"وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" سورة [الأنبياء:٢٦] .
وقال صلى الله عليه وسلم:"الأنبياء إخوة من علاّت، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد" رواه مسلم (٤٣٦٢) .
وأولاد العلات: هم الإخوة من الأب من أمهاتٍ شتى، فالأب رمز للتوحيد، والأمهات رمز للشرائع (الفروع) .
فالدعوة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم لم تخرج عن أصل دعوة الأنبياء والمرسلين قبله، وهي: توحيد الله سبحانه، وإخلاص العبادة له وحده. ولا يضير في هذا أن تختلف شرائعهم؛ كتفاصيل العبادات من صلاة وصيام وحج، وأحكام الأطعمة والذبائح وسائر المعاملات، ونحو ذلك.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.