الحمد لله، من وقع في أيدي أعداء الإسلام وعذبوه فإنه لا يجوز له أن يقتل نفسه بحال من الأحوال، بل عليه أن يصبر ويتصبر ويستغيث بالله، ومن انتحر ظناً منه أنه يجوز له ذلك أو خشية أن يدلي بأسرار تضر بالمسلمين فإنه لا يكون كمن انتحر جزعاً، فيرجى أن الله يعذره بنيته الصالحة ويغفر له، أو يعذره بجهله إذا فعل ما فعل لظنه أنه يسوغ له أن يقتل نفسه، وعلى كل حال فلا يسوى هذا بمن يقتل نفسه تسخطاً على قضاء الله، وجزعاً من المصيبة، فهذا هو الذي توعد بأن يعذبه الله في النار بما قتل به نفسه، كما في الحديث:"من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها ... "، الحديث رواه البخاري (٥٧٧٨) ، ومسلم (١٠٩) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وهذا عند أهل السنة والجماعة من أحاديث الوعيد التي يراد منها الزجر عن ارتكاب القبائح، وهي مقيدة بمثل قوله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"[النساء: من الآية٤٨] ، وقتل الإنسان نفسه أو قتله لمعصوم هو دون الشرك فيدخل في عموم " وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ"، إذاً فالذي يقتل نفسه إذا مات وهو مؤمن بالله ورسوله - عليه الصلاة والسلام - فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، وإن عذبه فمآله الخروج من النار ما دام أنه مات موحداً، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير"، رواه البخاري (٤٤) ، ومسلم (١٩٢) ، من حديث أنس - رضي الله عنه- ومع ذلك يجب على المسلم أن يحذر من الذنوب ولا يتكل على ما ورد من نصوص الوعد، بل عليه أن يحذر ويسأل ربه حسن الخاتمة، وأن يعيذه الله من شر نفسه، وسوء عمله، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه سميع الدعاء، والله أعلم.