وعليه فلا أرى مانعاً شرعياً أن يتوجه اللوم إلى بعض المسلمين الذين منهم من كان مؤيداً للعدوان سراً أو علانية، ولا شك أن هذه مواقف مخزية آثمة ظالمة، وإذا انحصر التفاضل بين المواقف في هذه المسألة، وكان مطابقاً للواقع، ولم يتجاوز ذلك إلى مسألة الولاء والبراء، فإن هذا قد يُعد من الإنصاف والعدل في الحكم، مع التأكيد على ما قررناه من استحكام العداوة بين المسلمين وغيرهم من النصارى في الجملة، لكن هذه المواقف ترجع إلى موازنات ومصالح يعرفها أهل السياسة الشرعية.
ثانياً: أما الدعاء على النصارى وغيرهم في القنوت، فإن المطلوب هو الدعاء على الظلمة والبغاة منهم ومن غيرهم، لأن الحامل على الدعاء هو الظلم والعدوان، وليس مجرد الكفر، وإلا لكان حقاً على المسلمين أن يدعوا في كل وقت؛ لأن العالم لا يخلو من الكفار أبداً، فالعدل هو الدعاء على من ظلم وبغى أياً كان.
ثالثاً: ولا يمدح صدام ولا غيره من الطغاة الظلمة في حق الله وحق عباده، فهم محل الذم والمقت من الله ومن عباده، ولكن يدعى للمسلمين في العراق، وقد ذهب صدام وأعوانه فإن العبرة فيهم، وكونهم مثالاً لغيرهم يبقى الجواب على بابه، فنقول: إذا كان البديل هم الصليبيون حلفاء اليهود فهل من الحكمة الدعاء عليهم؟ ولماذا يكون الدعاء على صدام وحزبه أو على غيرهم مشروعاً في هذا الوقت بالذات؟ فالواجب الدعاء للمسلمين المستضعفين في العراق وفي غيرها، والدعاء على الظلمة والطغاة الذين يؤذون المؤمنين ويريدون بهم شراً في العراق وفي غيرها، وأن يدفع الله عنهم الشرور والفتن، ويختار لهم ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، فإننا لا نعلم الغيب، ولا نحيط بحكمة الله، ولا نجزم بمواقع المصلحة، والله أعلم.