للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٨) ويجوز نكاح نسائهم عند جمهور أهل العلم؛ لقوله -سبحانه-:"والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: ٥] . قال ابن قدامة: (ليس بين أهل العلم اختلاف في حل نساء أهل الكتاب) ، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل.

وكذا ذكرت في كتابي (البراءة من المشركين) تحت عنوان (البراءة لا تعني الظلم والاعتداء) ما نصه: البراءة في مفهومها الشرعي لا تعني الظلم والاعتداء، فإن الظلم حرام مطلقاً والعدل واجب في كل الأحوال؛ بل يذهب أهل الإسلام إلى أعلى من ذلك وأعظم في صورة سامقة ومرتبة عالية في موقفهم من المخالفين ليس لها مثيل، إنه موقف المشفق والمتسامح والعادل، يقول تعالى:"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ" [الممتحنة: ٨] أي تفتضوا إليهم بالبر وهو الإحسان، والقسط وهو العدل، أو ما هو أعلى من العدل، وهو: أن تعطوهم قسطاً من أموالكم على وجه الصلة وليس مجرد العدل، فإن العدل واجب ممن قاتل وممن لم يقاتل، فلا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين من جميع أصناف الملل والأديان أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم، فإن الله -عز وجل- عم بقوله:"الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم" [الممتحنة: ٨] جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصص به بعضاً دون بعض، فلا ينهاكم الله عن مبرة هؤلاء، وإنما ينهاكم عن تولي هؤلاء، وهذا رحمة لهم لشدتهم في العداوة.

بل إن مبادئ الإسلام توجب الدفاع عن أهل الذمة إذا قصدهم معتد؛ لأنهم في جوارنا وخفارتنا، وقد حكى ابن حزم في مراتب الإجماع على أن من كان في الذمة وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح ...

<<  <  ج: ص:  >  >>