وأما الإحسان إلى ضعفاء الكفار فأمر لا جناح فيه، يقول الله -تعالى-: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"[الممتحنة: ٨] ،وزيارة دور المعاقين والمسنين ونحوهم من البر، وإن لم يكونوا مسلمين، وهو من الأعمال الصالحة التي يثاب فاعلها، خاصة إذا كان من مقاصد الزيارة دعوتهم إلى الإسلام؛ اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حين حضر عمه أبا طالب حال وفاته وعرض عليه الإسلام، فيما رواه البخاري (١٣٦٠) ، ومسلم (٢٤) من حديث المسيب بن حزن وكذا حين حضر -صلى الله عليه وسلم- الغلام اليهودي فدعاه إلى الإسلام فأسلم، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- متهلل الوجه يقول:"الحمد لله الذي أنقذه من النار" رواه البخاري (١٣٥٦) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
وفي ظني أن هذا الباب مما يغفل عنه الكثيرون حين تتوجه هممهم في دعوة الشباب، والأقوياء رغبة في استثمار طاقاتهم إن هم أسلموا، وينسون أن من أهداف الدعوة تعبيد الناس لله -سبحانه- والعمل على تخليصهم من سبب الوقوع في النار، يستوي في ذلك القوي والضعيف، ولنا في عتاب الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم- عبرة ودرس حين قال سبحانه:"عبس وتولى أن جاءه الأعمى"[عبس:١-٢] ، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- مشغولاً بدعوة الملأ حين ناداه الأعمى فأعرض -صلى الله عليه وسلم- عنه، فعاتبه ربه.
والصدقة على الكفار المحتاجين لا بأس بها ما لم تكن صدقة واجبة، فإنها لا تدفع إلا لمسلم، أو كافر من المؤلفة قلوبهم. ومن الفقه عند دفعها لهم أن يغلب على الظن أنهم لن يستفيدوا منها في حرام.