للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخطأ الغرب لما حارب الرق، أنه ظن أن أحكام الرقيق عند المسلمين مثل أحكامه عندهم، وهذا بعيد كل البعد عن الحق والواقع. مع أن كثيراً من دول الغرب (أو بعضها) تحرم استعباد الأفراد، ثم هي تستعبد شعوباً بأكملها: باحتلال أوطانها (بغزو عسكري صريح، أو بوضع حكومات تنفذ رغباتها) ، وباستنزاف ثروات بلادها، وبتعمد منع الشعوب من كل ما قد يرتقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة حضارياً في مجال العلوم الكونية والصناعة، لكي تبقى سوقاً لبضائعها. إن هذه الصور من الاستعباد للشعوب، لم يزل الغرب يمارسها بأبشع صورة في بلاد المسلمين.

وهنا أذكِّر السائل أن الحديث الذي ذكره، والخبر الذي ورد فيه، كان في زمن السبي والاسترقاق فيه قانون معمول به لدى جميع الشعوب على مختلف الديانات. فالسبي جائز لا عند المسلمين وحدهم، بل هو جائز عند اليهود والنصارى أيضاً، فقد امتلأ الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى بذكر سبي أنبياء بني إسرائيل لأعدائهم، بل فيه تسخير شعوب بأكملها، كما في سفر الملوك الأول (٩/١٥-٢٣) .

وعلى هذا فقول السائل: نحن لا نحب أن يحدث ذلك لنا، فكيف نحب أن يقع لغيرنا؟! سؤال في غير محله؛ لأن الذي وقع في ذلك الحديث وقع مع قوم كانوا يسبون النساء وينكحوهن بذلك ولو قدروا- وقد قدروا مرات أخرى - على نساء المسلمين بالسبي، وبغير السبي، لاعتدوا عليهن. فلو لم يكن في نكاح نسائهم إلا المعاملة بالمثل، لكفى بذلك جواباً على السؤال الذي طرحه الأخ السائل.

وأنا أنصح الأخ السائل بنصيحتين:

الأولى: أنه ما دام مسلماً، فعليه أن يعلم أن الحكم الشرعي، ما دام أنه حكم شرعي، فهو حكم الله -تعالى-. فلا يعترض عليه، ولا يكون في القلب منه حرج؛ لأننا خلق الله -تعالى-، وهو بنا أعلم وأرحم وأحكم.. سبحانه وتعالى. قال الله -تعالى-: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: ٣٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>