"يزجرها": أي يمنعها "فلا تنزجر": أي فلا تمتنع. "المِغْوَل": بالغين المعجمة: سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه، وقيل: حديدة لها حد ماض. وفي رواية:"معول" وهي: آلة حديدية تستعمل للحفر في الأرض أو الجبل فاتكأ عليها: أي تحامل عليها، "أنشد الله رجلاً": أي أسأله بالله وأقسم عليه "يتدلدل": أي يضطرب في مشيه، "دمها هدر": الهدر الذي لا يضمن بقصاص ولا دية ولا كفارة، وقد استُدِلَ بهذا الحديث أن الذمي يقتل إذا سب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وينتقض عهده بذلك حيث أهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دم هذه المرأة وأبطله، ويظهر أن هذه المرأة كانت ذمية، وكانت تكثر الوقيعة بالرسول- صلى الله عليه وسلم-، وكانت أم ولد لهذا الرجل الأعمى فينهاها ويزجرها فلا تنتهي ولا تنزجر فعند ذلك قتلها، قال ابن تيمية: وهذه المرأة إما أن تكون زوجة لهذا الرجل أو مملوكة له، وعلى التقديرين فلو لم يكن قتلها جائزاً لبيَّن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- له أن قتلها كان محرماً، وأن دمها كان معصوماً..... فلما قال:" اشهدوا أن دمها هدر"، والهدر الذي لا يضمن ولا دية ولا كفارة علم أنه كان مباحاً مع كونها ذمية، فعلم أن السب أباح دمها، لاسيما والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما أهدر دمها عقب إخباره بأنها قتلت لأجل السب، فعلم أنه الموجب لذلك، والقصة ظاهرة الدلالة في ذلك.
قال السندي: وفيه دليل على أن الذمي إذا لم يكف لسانه عن الله ورسوله فلا ذمة له فيحل قتله والله أعلم.
وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع أن ساب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-إن كان مسلماً فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وإن كان ذميًّا فإنه يقتل أيضاً في مذهب مالك وأهل المدينة، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث.