ويظهر أيضاً من سؤال السائل أن البنك بعدما أبرم عقد البيع مع من كاتب المعرض -وهو الوكيل لصاحب المعرض- لم يقبضها القبض الشرعي بإبرام عقد المبايعة مع العميل بعد المبايعة مع صاحب المعرض، ولم يتسلمها البنك من المعرض، وهذه العملية داخلة في مسألة بيع السلعة قبل قبضها، ونحن قد ذكرنا أن من شروط بيع المرابحة أن لا يبيع البنك السلعة للعميل طالب الشراء إلا بعد قبضها القبض الشرعي، ودخولها في ضمانه، وهذا هو مذهب ابن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما -، وأبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله-، وهو: أن النهي عن بيع الشيء قبل قبضه عام في كل السلع، والخلاف في هذه المسألة مشهور ومعروف، حيث إن السائل قد أبرم العقد مع الجهالة في الحكم، والسلعة بيعت وتُصُرَّف بها ولا يستطيع إرجاعها، فالذي يظهر -والله أعلم- صحة ذلك مع التوبة وعدم الرجوع لمثل ذلك؛ لأن النهي ليس عائداً على ذات العقد، ولا على صفة لازمة بالعقد، وكل ماكان النهي كذلك فالنهي لايقتضي الفساد -والله أعلم- كما هو مذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة.
ثم أن بيع الشخص (العميل) السيارة التي قبضها من المعرض على نفس صاحب المعرض لا بأس به؛ لأنها ليست من باب العينة على الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن المعرض ليس هو البائع على العميل، وإنما هو بائع على البنك، مع أن الأحوط خروجاً من الشبهة أن لا يبيعها على صاحب المعرض لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " رواه الترمذي (٢٥١٨) والنسائي (٥٧١١) ، والله أعلم.