الشرط الثالث: ألاَّ يكون بيع المرابحة ذريعة للربا، بأن يقصد المشتري الحصول على المال، ويتخذ السلعة وسيلة لذلك، كما في بيع العينة بأن يبيعها المشتري بعد ذلك على البائع بسعر أقل حالاً، فهذا من المحرم؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة، كما عند أهل السنن بسند جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- انظر سنن أبي داود (٣٤٦١) ، وجامع الترمذي (١٢٣١) وسنن النسائي (٤٦٣٢) .
وبهذا التفصيل - الذي أراه من الأهمية بمكان؛ لكثرة من يسأل عن حكم الشراء من مصرفٍ معين - فيجب على طالب الشراء أن يتثبت من تطبيق المصرف لهذه الشروط، مع العلم أن بعض البنوك لا تملك السيارة أصلاً، لا قبل إبرام عقد المرابحة مع العميل ولا بعده، بل تكتفي بالاتصال على صاحب المعرض للتأكد من صحة البيانات التي أتى بها العميل، فإذا تبين للبنك صحة ذلك أبرم مع العميل عقد المرابحة، ثم أعطى العميل شيكاً بقيمة السلعة التي حددها المعرض مكتوباً باسم العميل، ثم يقوم العميل بصرفه، وإعطائه صاحب المعرض، فهذا هو الربا الجلي المحرم الذي أجمع أهل العلم على تحريمه، وأنه إيذان بحرب من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
إذا تبين هذا، فإن السائل لم يوضح في سؤاله، هل البنك أبرم معه عَقْدَ مواعدة بالشراء، وما نوع هذا الوعد؟ فإن كان وعداً ملزماً يدفع بموجبه العميل مبلغاً مالياً أو نحوه - كما سبق تفصيله فإن ذلك محرم؛ لأنه داخل في بيع ما لا يملك، إلا أنه إذا تمّ البيع بهذه الصفة، ولم يخُلّ العميل بالتزامه، فإن العقد يكون صحيحاً، ويكون هذا الشرط -أعني به: الوعد الملزم أو الشرط الجزائي- باطلاً والعقد صحيح.
وأبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- قد ذكر أن العلة في بيع ما لا يملك الإنسان هو لأجل عدم القدرة على التسليم، فإذا وجد التسليم بعدُ فالمرجو أن تكون المعاملة صحيحة مع الإثم، فالواجب حينئذ التوبة، والله أعلم.