القول الأول: أنه محرم مطلقًا، وهو قول الجمهور، واستدلوا بما أخرجه أبو داود (٣٤٥١) والترمذي وصححه (١٣١٤) ، عن أنس، رضي الله عنه، قال: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ ". ونقل الشوكاني عن الحافظ ابن حجر أن إسناده على شرط مسلم، وقد علق الشوكاني- رحمه الله تعالى- في نيل الأوطار (٥/٢٢٠) على هذا الحديث بما نصه: وقد استدل بالحديث وما ورد في معناه على تحريم التسعير، وأنه مظلمة، ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به منافٍ لقوله تعالى:(إِلاَّ أَن
تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) [البقرة: ٢٨٢] . وإلى هذا ذهب جمهور العلماء، وروي عن مالك أنه يجوز للإمام التسعير، وأحاديث الباب ترد عليه، وظاهر الأحاديث أنه لا فرق بين حالة الغلاء وحالة الرخص، ولا فرق بين المجلوب وغيره، وإلى ذلك مال الجمهور، وفي وجهه للشافعية جواز التسعير في حالة الغلاء وهو مردود. ا. هـ
والقول الثاني: جواز التسعير بشروط، وإذا لم تحقق هذه الشروط صار التسعير ظلمًا، وهذه الشروط هي:
(١) أن توجد مصلحة عامة موجبة لغرض التسعير كوجود الغلاء الفاحش أو احتكار سلعة تتعلق بها حاجات الناس، أو تواطؤ أهل سلعة على رفع الأسعار ظلمًا.