١- القرض بفائدة، حيث إن الدائن (وهو الذي سميته مخلص الدين) يقرض المدين مالاً ويشترط عليه رده بأكثر منه، وهذا هو الربا، ولا يصح تسمية ذلك أتعابًا أو أجور تخليص ونحو ذلك؛ لأن الخدمة التي يقدمها الوسيط في حقيقة الأمر هي خدمة الإقراض وسداد الدين عنه، وهذه الخدمة لا يجوز الاسترباح فيها، بخلاف ما لو كانت الخدمة المقدمة غير مرتبطة بالتسديد عنه (أي لا قرض فيها) فيصح عندئذٍ أخذ الأجر.
٢- قلب الدين على المدين، فهذا التصرف حيلة لزيادة مدة السداد على المدين وفي المقابل تزداد قيمة الدين، فبعد أن كانت ذمته مشغولة بعشرين ألف ريال تحل في شهرين مثلاً، أصبحت ذمته مشغولة بمبلغ أكثر ولمدة أطول، لنفس الدائن الأول، وهو أمر محرم، ويشابه الربا الذي كان يتعامل به العرب في الجاهلية حيث يكون الدين على الرجل فيقول له الدائن: زِدْني أُنظِرْكَ. أي زدني في قيمة الدين وأعطيك مهلة أكثر، ولو تأملت لوجدت أنه لا فرق بين المعاملة التي ذكرتها ومسألة "زدني أنظرك" سوى أن العرب في الجاهلية كانوا يأتون الأمر صراحة، بينما في هذه المعاملة أدخل طرف ثالث (الوسيط) حيلة، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام النهي عن الحيل فقال:"لا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتكَبتِ اليهودُ فتَسْتحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بأَدْنَى الحِيَلِ". رواه ابن بطه-كما في تفسير ابن كثير ١/١٠٨- وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ؛ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا! ". أخرجه البخاري (٢٢٢٣) ومسلم (١٥٨٢) . والله أعلم.