الوجه الثاني: أن القرآن لو كان من عند غير الله لاختلف عما يخبر به، بمعنى أن الخبر لا يكون موافقاً للمخبر عنه، والقرآن لا يخبر عن شيء إلا كان كذلك، فهو يحدثهم عما في أنفسهم من الكفر والنفاق، وهم يعلمون ذلك بديهة، وأن ما يحذرهم به القرآن هو حق فأخبار القرآن هي أخبار صحيحة، سواء كانت تتعلق بالأحوال الكونية، أو الناس وبما يقومون به، فالواقع دائماً والتجارب والمستقبل والحاضر دائماً يصدق القرآن الكريم، وهذا ما ظهر جلياً في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
الوجه الثالث: لو كان من عند غير الله لوجدتموه مختلفاً عما هو عليه، فلما لم يكن مختلفاً عما هو عليه علمنا أنه من عند الله، وهذا يحتاج إلى شيء من الروية والفهم، بمعنى: أنه لو كان كتاباً من عند غير الله لاختلف هذا الكتاب، ولكان مختلفاً عن الحالة التي عليها القرآن الكريم.
فهذه الأوجه الثلاثة هي الأوجه التي فسر بها المفسرون هذه الآية:"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً"[النساء: ٨٢] ، ولكنه من عند الله فلا اختلاف فيه، وليس الأمر متعلقاً باختلاف الناس في القرآن، أو اختلاف دلالات الألفاظ، أو اختلاف السور في طولها وقصرها، هذا ليس مراداً في الآية الكريمة، فهذا هو الجواب عن هذه الآية، والله أعلم.