أخذ الربا أو ما يعرف بـ (الفائدة) حرام لا يجوز بنص القرآن والسنة النبوية، كما هو معلوم لكم، فالربا هو كل زيادة مشروطة على رأس المال بغير مشاركة أو مخاطرة، أو مضاربة، فردية كانت هذه المعاملة أو اجتماعية، ولم يقل أحد من أهل العلم بجواز الفائدة، وإنما قال بعضهم أو نسب إليهم: إذا كانت ضرورة للفرد لا للجماعة أو المجتمع. وهذا اجتهاد خاطئ لا يجوز اتباعه، والضرورة تقدَّر بقدرها، ولا يجوز أن يزاد عليها ولو بشعرة، والضرورة الشرعية المعتبرة هي إذا لم يأخذ بها الإنسان مات لساعته، كالأكل من الميتة، يأكل منها بقدر ما يقيم به صلبه ويبقيه على الحياة، وبناء روضة لتعليم الناشئة وتربيتهم لا ينطبق عليها قاعدة الضرورة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات"؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية، والغاية في هذا المشروع مع البنك هي الربا المحرم، وكل الوسائل الموصلة إلى الحرام حرام، وكل زيادة عين أو منفعة يشترطها المسلف (البنك مثلاً) على المتسلف- فهي ربا، وقد نص الفقهاء على أن الربا لا تصح إباحته في الشرع تبعًا، فكيف إذا كان استقلالاً وقصدًا، كما هو مذكور في السؤال. كما نصوا على أن الربا اليسير في البيع لا يجوز مع الضرورة، بخلاف الغرر اليسير في البيع فيجوز للضرورة، ولا يغيب عن البال أنكم تعيشون في دار حرب مع الكفار اليهود فتأخذون بفتوى من يجيز التعامل بالربا في دار الحرب؛ لأن مذهب جمهور علماء الإسلام أن ما كان محرمًا في دار الإسلام فهو محرم في دار الحرب بين المسلمين، كالربا، ثم إن بلادكم ليست بلاد كفر، وإن احتلها اليهود قهرًا وعدوانًا، فالبلاد بلاد إسلام وليس لغاصب يد. وفقنا الله وإياكم إلى كل خير، وثبتنا وإياكم على الحق، آمين.