كتاب فتاوى واستشارات الإسلام اليوم

مسائل متفرقة - تعامل المسلم المقيم في الغرب بالربا - ج: 9 - ص: 296

ودليله الثاني: لعدم توافر شروط جريان الربا، يقول الإمام الكاساني الحنفي: (لأن مال الحربي ليس بمعصوم، بل هو مباح في نفسه، إلا أن المسلم المستأمن مُنع من تملكه من غير رضاه لما فيه من الغدر والخيانة، فإذا بذله باختياره ورضاه فقد زال هذا المعنى، فكان الأخذ استيلاء على مالٍ مباح غير مملوك، وإنه مشروع مفيد للملك كالاستيلاء على الحطب والحشيش) (٧) .

ونوقش هذا الاستدلال:

١- (بأنه لا يلزم من إباحة أمواله على سبيل الغنيمة أن تباح بالعقد الفاسد) (٨) .

٢- وبأن هذا التعليل (منتقض فيما إذا دخل الحربي دارنا بأمان فباع منه المسلم درهمًا بدرهمين، فإنه لا يجوز اتفاقًا) (٩) .

وبهذا يتبين أن القول الراجح هو ما عليه جمهور أهل العلم، وهو عدم جواز الربا مطلقًا، لا مع حربي ولا مع غيره؛ لضعف الأدلة التي تستثني التعامل مع الحربي من التحريم، وأن فتوى الإمام أبي حنيفة لا تنطبق على حال المسلم المقيم في الغرب. والله أعلم.

---

() البنك اللاربوي في الإسلام (ص ١٤) ، المصارف والأعمال المصرفية (ص ٤٣٥) .
(٢) اختلاف الفقهاء (ص ٥٨) ، المدونة (٣/٢٩٥) ، المقدمات الممهدات (٢/١٠) ، التاج والإكليل، المجموع شرح المهذب (٩/٣٩١) ، بدائع الفوائد (٤/٢١٤) ، المغني (٦/٩٩) .
(٣) شرح السير الكبير (٤/١٤٩٣) ، بدائع الصنائع (٧/٨١) ، تبيين الحقائق (٤/٩٧) ، رد المحتار (٧/٤٢٢) .
(٤) الحديث قال عنه الزيلعي: ((غريب، وأسند البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الشافعي قال: قال أبو يوسف: إنما قال أبو حنيفة هذا؛ لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا ربا بين أهل الحرب)) أظنه قال: ((وأهل الإسلام)) قال الشافعي: وهذا ليس بثابت ولا حجة فيه))
نصب الراية (٤/٤٤) ، وانظر: الدراية (٢/١٥٨) .
(٥) المجموع شرح المهذب (٩/٣٩٢) .
(٦) المغني (٦/٩٩) .
(٧) بدائع الصنائع (٧/٨١) ، وانظر: الكفاية (٦/١٧٧) ، إعلاء السنن (١٤/٣٦٦) ، حاشية الطحاوي (٣/١٢٢) .
(٨) المجموع شرح المهذب (٩/٣٩٢) .
(٩) المغني (٦/٩٩) .