أما إذا كان العقد الواقع على الآلة أو السلعة شاملاً للصيانة بدون شرط من المشتري، فإنه يصح، ولا يضر الغرر الحاصل من الصيانة، وذلك لأن العقد واقع على الجهاز أو الآلة، فهو المقصود بالأصالة، والغرر واقع على الصيانة، وهي تبع، فلا تضر، وقد قرر الفقهاء أنه يغفر تبعاً ما لا يغفر استقلالاً، وقد استدلوا لهذه القاعدة بأدلة كثيرة منها:
أنه لا يجوز أن تباع الثمرة التي لم يبد صلاحها مفردة، لما في ذلك من الغرر في المعقود عليه أصالة، ولكن لو بيعت مع أصلها جاز، لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:"من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع" رواه البخاري (٢٣٧٩) ومسلم (١٥٤٣) .
وكذا لا يجوز بيع الحمل دون أمه؛ لما في ذلك من الغرر، أما بيع الحمل مع أمه فإنه يجوز؛ لأنه تابع لها. وكذا لا يجوز بيع اللبن في الضرع دون الشاة؛ للغرر، ويجوز بيع الشاة مع لبنها؛ لأنه تابع لها، ونظائر هذا كثيرة.
وعلى هذا؛ فهذه الزيادة المالية إذا كانت مقابل عمل مضبوط بوصفٍ معين يرفع الجهالة، ويدفع الغرر المتوقع، وبهذا تفارق التأمين، لاسيما أن التأمين التجاري كثيراً ما يكون تعويضاً عن ضرر، فهو مال بمال، وهذا بخلاف الصيانة، فإنها تكون على عمل معين أو على توفير آلة أو جهاز معين.
وفرق آخر بين الصيانة المشروطة في العقد وبين التأمين، وهو أن الصيانة -حينئذ- تابعة لعقد كالبيع أو الإجارة، أما التأمين فهو عقد مستقل، وقد قرر أهل العلم أنه يثبت ويجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، والله أعلم.