إن مسمى الجيش عام يحتاج إلى تفصيل: فإن أريد بالجيش القوات العسكرية التي تخضع عادة لوزارات الدفاع في كل دولة فلا يجوز الانخراط فيها حينئذ ما دامت الدولة كافرة تحكم القوانين الوضعية، وربما تقاتل المسلمين، وفعل مثل هذا من موالاة الكفار المحرمة نصاً في الكتاب العزيز كقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين"[المائدة:٥١] ، وقوله:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ... "[الممتحنة:١] ، وإن أريد بالجيش قوات الأمن بأنواعها من الحرس والدرك وبوليس الآداب والدفاع المدني والشرطة العسكرية ودوريات المرور ونحو ذلك، فالذي يظهر لي جواز ذلك -إن شاء الله - بشرط ألا يباشر المسلم أذية أو ضرراً لأخيه المسلم؛ لأن أعمال قوات الأمن هذه أصلها مشروع، تعمل على حفظ ضروريات الناس بحفظ اعتقاداتهم وأعراضهم وأموالهم فلا يعتدى عليها، وكثير من صفات الخير مشتركة بين بني الإنسان مؤمنهم وكافرهم، فالتعاقد مع الدولة -وإن كانت كافرة- على مثل هذا جائز، وهو من التعاون على البر والتقوى ونشر الفضيلة بين الناس، ولما جاء الإسلام وجد عادات وأخلاقاً حميدة عند العرب في الجاهلية فأقرها ودعا إليها، وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" شهدت غلاماً مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه" رواه أحمد (١٦٧٦) وابن حبان (٤٣٧٣) والبيهقي (٦/٣٦٦) والحاكم (٢٩٢٥) وأبو يعلى (٨٤٦) وغيرهم واللفظ لأحمد، وفي رواية:"لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت"، وإن دعي السائل إلى التجنيد الإجباري في قوات وزارة الدفاع فلا يجوز له ذلك، وعليه أن يسعى بالتخلص منه بأي أسلوب يراه ممكناً.
هذا كله إذا كان السائل مجبراً على الانخراط في سلك الجيش العسكري النظامي في هذا البلد، أما إذا كان الأمر اختيارياً فيتعين عليه عدم الدخول حينئذ، ويسلم على دينه وعرضه، والله أعلم.