العمل في القسم الطبي للشركة التعاونية للتأمين إذا لم يجد السائل عملاً عند غيرها فجائز، وإن وجد فالأولى له تركها والعمل عند غيرها، ولا فرق بين القسم الطبي فيها أو أي قسم من أقسامها، وإن كان الإثم تتفاوت درجته من عمل لآخر، فأمين المستودع ليس كمن يقوم بالتسويق والدعاية للشركة، أو يقبض الأقساط أو يقوم بتسليم التعويض، نقول هذا لأننا نجزم ونقطع بأن الشركة المشار إليها تتعامل بالتأمين التجاري المحرم، وليس لها من التأمين التعاوني الحلال غير الاسم فقط، وذلك أن إبرام العقد معها فيه جهالة وغرر وأكل لأموال الناس بالباطل، علاوة على تشغيل أموالها بالبنوك الربوية بالفائدة المحرمة، أما لو كان التأمين الطبي بين المؤمِّن والمستشفى أو المركز الصحي أو المستوصف مباشرة أمكن تخريجه وتكييفه على عقد الجعالة؛ لأن في مهنة الطب يقسم الطبيب عند تخرجه على ميثاق شرف المهنة أو ما يسمى بالخدمة الإنسانية، وهذا قريب من الإحسان إلى الغير والتعاون على الخير، وهذا لا يوجد في العقد التجاري البحت، وعقد الجعالة في الشرع من عقود التبرعات لا المعاوضات، فيفتقر فيها من الجهالة والغرر ما لا يفتقر في عقود المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والمصارفة ونحوها، ودخول شركة التأمين بين الطرفين طالب التأمين (المؤمَّن) وهو الطبيب أو المستشفى وبين (المؤمِّن له) وهو دافع الأقساط طالب لعلاج المرض أو الوقاية منه، فلا معنى لدخول الشركة بين الطرفين غير الابتزاز بالمال دون خدمة حقيقية مباشرة تقدمها، والله أعلم.