اعلم أن المستشفيات تعتبر من ضرورات الحياة إذ بها صلاح أبدان الناس، والعمل بها عمل شريف كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (لا أعلم بعد الحلال والحرام علماً أنبَلَ من الطبّ) ، وإذا وُجد في المستشفيات شيء من الخطأ فلا سبيل لتصحيحه إلا بأن يلتحق بهذا العمل أهل العفَّة والديانة، واعلمْ أن مَن خالط الناس وناصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة وصبَرَ على ذلك خيرٌ ممن يفرُّ عنهم ويكون قعيد بيته، بل ستصبح لك دُرْبَة في طريقة التوجيه والإرشاد والدلالة إلى الله تعالى. ولا حَرَج عليك إن تحدَّثت بغير العربية، ولو مع متبرِّجة من غير المسلمات، وليس في ذلك شيء من الموالاة للكافرين، وأنت تعلَم أن الوفود كانت تفد عليه صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيستقبلهم ويقرِّبهم، ويعطي كبيرهم وسيِّدهم حقَّه، وربما استقبلهم داخل حرم المسجد، كما فعل مع وفد ثقيف الذين كانوا على الشرك حينها، حيث أنزلهم في المسجد انظر ما رواه أبو داود (١٣٩٣) وابن ماجة (١٣٤٥) من حديث أوس بن حذيفة - رضي الله عنه -.أما ما يتمتَّعون به من مزايا فهذا ليس من شأنك، وإنما هو عقد بينهم وبين من استأجرهم على العمل لا شأن لك به ولا عِزَّة لهم به، بل العزيز هو مَن يقوم بعمله على أحسن وجْهٍ وأكمله مسعداً بذلك نفسه ومرضياً ربَّه من غير ذلَّة لأحد. أما كيف تنكر فاعلم أن الأمر بالمعروف يجب أن يكون بمعروف، وأن النهي عن المنكر يجب أن يكون كذلك بمعروف، وأن وظيفتك حين آمنت بالله تعالى أن تكون دلاَّلاً على بضاعة الرحمن لا أن تكون خصماً للناس، ولا أن تكون فاحشاً أو منفِّراً من هذا الدين، فاعمل عَمَلَ مَن يسوِّق لبضاعةٍ، بالتلطُّف والتودُّد والإكرام، وابحث عن هذه الوسائل في سيرة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم.