الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأعمال المذكورة في السؤال منها ما هو محرم ومنها ما هو مباح:
فبيع المواد الخام اللازمة للعطور جائز، وكذلك إيداع الحسابات في البنوك إذا كانت تلك الحسابات جارية أي لا يؤخذ عليها فوائد من البنك، وكذلك دفع الضرائب للجهات الرسمية إذا كانت الشركة ملزمة بذلك.
وأما إعطاء الهدايا والإكراميات للجهات الرسمية فهذا محرم ولو كان لتسهيل الإجراءات لأنه من الرشوة، وفي سنن أبي داود (٣٥٨٠) والترمذي (١٣٣٧) وابن ماجة (٢٣١٣) ، عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي، وكذلك يحرم عليك الجلوس في مكان فيه تماثيل أو تصاوير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"لَا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ". أخرجه البخاري (٣٢٢٥) ومسلم (٢١٠٦) . فإذا كان عملك في الشركة يستلزم مزاولتك أيًّا من هذه الأعمال المحرمة فيجب عليك تركها والانتقال إلى عمل طيب، والله- سبحانه بإذنه- يعوضك خيرًا منها، وفي الحديث:"إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ". أخرجه أحمد (٢٠٧٣٩) ، وقد قال وهو أصدق القائلين:(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[الطلاق: ٢، ٣] . أما إذا كنت لا تباشر هذه الأعمال المحرمة في عملك بالشركة فلا حرج عليك في البقاء فيها.
وينبغي عليك مناصحة صاحب الشركة فيما يبدر منه من أعمال أو أقوال محرمة سواء بقيت في الشركة أو خرجت منها، فإن ذلك من حق المسلم على أخيه المسلم، وليكن نصحك وإنكارك بالحكمة واستصحب الرفق واللين في ذلك؛ فلعل الله أن يهديه على يديك. أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد. والله أعلم.