للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرى أن تقدم على التوظف في النيابة العامة؛ عسى الله أن ينفع بك، وعمل النيابة العامة يكاد ينحصر في التحقيق ثم الادعاء العام أمام القضاء، والتحقيق عادة يكون في أمور إجرائية وإدارية، وإن كان فيه قضاء في بعض الأحيان فباستطاعتك -وأنت المسلم الملتزم والحقوقي المتخصص- أن تُكيِّف المادة القانونية وتخرجها تخريجاً لا يخالف الشريعة - إن شاء الله- حيث القاعدة القانونية الشهيرة تقول: (العدل في ضمير القاضي لا في نص القانون) ، أي أن القاضي الناجح يحكم بروح القانون ولا يقف عند نصه، وهذا معنى (الفهم) الذي أوصى به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- القضاة في عهده، ولعل هذا المعنى استحضره الشهيد عبد القادر عودة، حين تولى القضاء، وكان يقول: (أنا قاض ولكني مسلم) ، ووجود مواد قانونية مخالفة للشريعة الإسلامية يقع إثماً على المشرع لها، والقاضي الحقوقي المسلم يستطيع أن يتجاوز المادة المخالفة للشرع ويحكم بغيرها مما يوافق الشريعة، أو يحمل الخصوم على الصلح أو التنازل عن الدعوى ونحو ذلك.

والعمل بالنيابة العسكرية أو الإدارية أهون وأخف مسؤولية من النيابة العامة، والعمل في هيئة الدفاع عن الدولة جائز؛ لأن أكثر أنظمة الدولة ومؤسساتها لا تخالف الشريعة، والقليل منها عكس ذلك، والحكم دائماً للكثير الغالب، وعملك بالقسم الأول من أقسام مجلس الدولة جائز لا غبار عليه، وهو أولى من القسمين الآخرين.

وأخيراً: تقدم للوظيفة في النيابة العامة لأهميتها، وكونك متخصصاً في الحقوق يضاعف عليك المسؤولية في هذا المجال. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>