البَغِيُّ في لغة العرب المرأة الفاجرة حرة كانت أم أمة (جارية) ، والبغاء إتيان فاحشة الزنا -عياذاً بالله تعالى- بفجور ومن غير توق ولا استحياء، ومن هذا المعنى للبغاء نعلم أن الزنا قد يقع في خفاء وهو الأغلب والأعم، ويكون من الحرة والأمة، فإن كان يقع على نحو ما كان عليه البغايا جمع بغي في الجاهلية وهي التي تزني في معالنة من غير استحياء، وكان يقع من الإماء، أما حرائر النساء فلم يكن منهن البغاء على نحو ما كان من الإماء اللواتي كان منهن ما يشبه المهنة يتخذنها، وقد عجبت هند بنت عتبة رضي الله عنها لما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يأخذ عليها العهد ألا تزني فقالت: أو تزني الحرة؟ فإن كان من الحرة الزنا على نحو ما كان من الأمة فهو نادر شاذ لا يقاس عليه، فالبغاء إذاً أشبه ما يكون أنه من خصوصيات قبائح الإماء، وأين الحرة من الأمة؟
ومن هنا خص القرآن الإماء بالبغاء فقال:"ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً ... " إلى آخر الآية.
أما كلمة الزنا، التي وردت في سائر الآيات فهو مخصوص بالحرائر اللواتي يقعن في هذه الفاحشة على نحو يستوجب إيقاع العقوبة بها كفاً وزجراً ودرءاً لآثارها وعواقبها البشعة السيئة، ومثل ذلك في إيجاب العقوبة، رمي المحصنات المؤمنات، أي عقوبة الجلد ثمانين جلدة.
وهنالك عموم وخصوص بين البغاء وبين الزنا، فالزنا أعم من البغاء، إذن الزنا هو الفاحشة المعروفة ومثل ذلك يقال في البغاء، غير أن البغاء يزيد عن الزنا في قبحه، بزيادة في الفجور. ومن أجل هذا الفجور، الذي يذهب معه الحياء، وتكون به المجاهرة والمعالنة، سمي هذا النوع من الزنا بغاء، وهو الذي عناه الرسول-صلى الله عليه وسلم- في الحديث:"نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب، ومهر البغيّ، وحلوان الكاهن"، ومعنى مهر البغيّ الأجر الذي يعطيه الزاني- عياذاً بالله- للزانية البغيّ.