أما سؤالك عن الفائدة من التأمين إذا كنت ستدفع الفارق بين ما دفعته وما غرمته الشركة لك فهو سؤال مبني على افتراض جواز التأمين. ونحن نقول: عقد التأمين لا يجوز، وهو عقد غرر وقمار وربا؛ إذ يدفع المؤمِّن على سيارته ـ مثلاً ـ أقساطاً كبيرةً من التأمين، ولا يدري هل سيحصل على ما يقابل ذلك من المنفعة أم لا، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة التأمين، فقد يقع على السيارة المؤمَّن عليها تلفٌ بالغٌ لا تغطيه أقساط التأمين كلها (وهذا قليل) ، وقد لا يقع على السيارة شيءٌ من ذلك (وهو كثير) ، فتذهب الأقساط على صاحبها من غير فائدة، وتأكلها الشركة بالباطل.
ومن هنا نجد أن تجارة شركات التأمين التجاري المتحصلة من أقساط التأمين لا تقوم على الحذق في التجارة، ولا على جهد العمل ومقداره، وإنما هي ترقُّبٌ لما يلده الغيب، وما تجنيه من الأموال الطائلة من المؤمِّنين إنما هي ضربة حظ، وهذا عين القمار المحرَّم في الشرع.
ولا نذهب بعيداً، فهذه بعضُ شركات التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية تعلن إفلاسَها بعد حادثة ١١ سبتمبر، فقد ذهبتْ هذه الحادثة بأموالها كلها. كما ذهبت أقساط التأمين على أصحابها من قبلُ.
وقد صدر من مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأن هذا التأمين التجاري، جاء فيه:
أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً.
ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.