ومثال آخر: الجمعيات التعاونية والتي يقوم فيها كل شخص باقتطاع مبلغ مالي من دخله الشهري ويسلم لواحد منهم، وفي الشهر الثاني لآخر حتى تدور الدائرة على الجميع، فنرى أن بعض أهل العلم غلب الجانب الظاهري من هذا التعامل فحرمه بحجة أنه قرض جر نفعاً فهو ربا، ونرى آخرين قد أباحوا هذا التعامل لأنهم رأوا أن قصد المتعاقدين في هذا التعامل هو التعاون على البر والتقوى وتيسير بعضهم لبعض لا قصد الاستغلال الموجود في التعامل الربوي والأقرب هو الرأي الثاني (الجواز) .
وقد عللت (اللجنة المكلفة بإعداد قرار المجلس) المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول التأمين بهذا الأمر في معرض ردها على من أباح التأمين واستدل على ذلك بالقياس على نظام التقاعد، وهو يصلح جواباً لإشكالك أخي السائل على ما يلي:(قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق أيضاً، لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسؤولاً عن رعيته وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم (فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها) ، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة ... الخ) .
ولعلك إن تمكنت من الرجوع للبيان ينجلي عنك الإشكال بشكل أكثر.