قبل القول بجواز أو منع دفع الغرامة لعدم السداد أو تأخيره يجب أن ينظر إلى واقع (التأمينات الاجتماعية) ، فإذا كانت تأخذ من الإنسان قسطاً شهرياً لمدة معينة وبعد خدمته مدة معينة أو بلوغه سناً معينة؛ تدفع له مصلحة التأمينات الاجتماعية ربعه أو ثلثه قسطاً شهرياً من مجموع ما دفعه لها من أقساط، أو أضافت إلى ذلك المجموع نسبة معينة -كما هو في نظام تقاعد موظفي الدولة- إذا كان واقع التأمينات الاجتماعية مع منسوبيها كما ذكرنا فلا شيء فيه، والمعاملة صحيحة، ويجب على الفرد دفع المستحقات من الأقساط المتخلفة دفعة واحدة أو على دفعات. يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالا أو أحل حراماً" رواه الترمذي (١٣٥٢) ، وغيره من حديث عمرو بن عوف -رضي الله عنه-، ولعموم قول الله -سبحانه:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"[المائدة: ١] ، أما أخذ غرامات مركبة عن كل شهر تأخر سداده، فهو حرام لا يجوز، فهو من الربا المحرم، وأكل لأموال الناس بالباطل، ولو شرطته مصلحة التأمينات فهو شرط باطل لا اعتبار له؛ لأنه (أحل حراماً) فلا يجوز التعامل به، وفي الحديث:"ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط.." رواه البخاري (٢٧٣٥) ، ومسلم (١٥٠٤) من حديث عائشة-رضي الله عنها-, وينبغي أن يتنبه إلى أن اشتراط تلك الغرامة المركبة عند عدم السداد أو تأخيره -ليس من قبيل ما يعرف بالشرط الجزائي؛ لأن الشرط الجزائي المعتبر يكون في مصلحة العقد ولا يناقضه، أما الشرط المسئول عنه فهو مناقض ومناف لمقتضى العقد؛ لأن المصلحة شرطت على ألا تلحقها خسارة، وعليه فهذا الشرط فاسد، مثل له العلماء بقولهم:"كما لو اشترط أحد الطرفين أن الخسارة عليه، أو لا يبيع أو يهب أو يتصدق.."، وإضافة لما سبق فإن اشتراط الغرامة النقدية عند التأخير، أو عدم السداد للأقساط النقدية أو بعضها - يجعل العقد عقداً ربوياً فيه الربا والنسيئة".
والخلاصة: إن دفع الأقساط المتأخرة أمر واجب متعين، أما دفع الغرامة مركبة أو بسيطة عند التأخير فحرام، ولا يجوز دفعها بحال، ويتعين عليك طلب إحالة الموضوع بينك وبين التأمينات إلى المحكمة الشرعية لتحكم بينكم بحكم الله.