فما رأي الشرع في هذا العمل؟ وهل هذه المنحة حلال أكلها أم لا؟ أرجو من فضيلتكم النظر إلى الموضوع بروية وتؤدة وإبداء رأيكم؛ لكي يستفيد منه كل من في قلبه شك في مشروعية هذه المنح المالية من عدمها. وإذا أردتم أن تستوضحوا من بعض الأمور قبل إبداء رأيكم فسأكون سعيداً أن أقوم بذلك جزاكم الله من الخير أجزله ومن الأجر أثوبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب عن هذا من وجوه:
أولاً: قول السائل: (تفيدونا برأي الشرع في ... ) لا يستقيم. فإن المجيب قد يصيب حكم الشرع وقد يخطئه، ولما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - حكماً حكم به كتب:"هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه-" فانتهره عمر -رضي الله عنه- وقال: لا بل اكتب، هذا ما رأى عمر -رضي الله عنه- فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر -رضي الله عنه- رواه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/١١٦) .
ثانياً: أن كل أمر يتوصل إليه الإنسان بطريق الكذب والحيلة فهو حرام، إلا أن يكون حقاً له لا يتمكن من الحصول عليه أو تخليصه إلا بنوع تورية فلا حرج عليه فيه.
فإن لم يكن حقاً له فقد وقع في الحرام من جهتين: من جهة استحلاله ما ليس بحلالٍ له، ومن جهة الكذب.
ثالثاً: أنه لا يحل بذل شيء لموظفي الدولة بغرض تسيير الأمور، ولا يحل لهم قبول ما يبذل لهم، ولو على سبيل الهدية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا العمال غلول" رواه أحمد (٢٣٦٠١) ، وغيره من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه- والواجب عليهم القيام بأعمالهم دون منَّة أو ابتزاز لأحدٍ من المسلمين.
فإن كان الآخذ مجرد معقب على المعاملة، لا يرشى، ولا يضار بمسعاه ذلك أحداً أحق به من موكله، فهو أجير يستحق العوض المتفق عليه.
وعلى هذا فإن كانت الجهة المانحة لهذه المنح الدراسية للزوجات، لا ترى في فعل هؤلاء النسوة مخالفة نظامية، بالصورة الواقعة المذكورة في السؤال فلا حرج من الاستفادة منها.
وإن كانت الجهة ترى في ذلك غشاً وتلاعباً وحرماناً للمستحق الأصلي فلا يحل هذا العمل. والله أعلم.