الرابع: المهر، قليلاً كان أم كثيراً؛ لقوله -تعالى-: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة"[النساء:٤] ، وقوله -عليه السلام-: "أدوا العلائق" رواه الدارقطني في السنن (٣/٢٤٤) والبيهقي في السنن الكبرى (٢٣٩) وانظر تلخيص الحبير (١٥٥٠) ، والعلائق، هي: المهور، والأفضل أن لا يقل عن عشرة دراهم، والعشرة دراهم، هي: سبعة مثاقيل من الفضة، والسبعة مثاقيل تعدل نحو ٣٠غراماً فضة تقريباً؛ لقوله -عليه السلام-: "لا صداق دون عشرة دراهم" رواه الدارقطني في السنن (٣/٢٤٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/٢٤٠) وانظر نصب الراية (٣/١٩٩) وخروجاً من خلاف منع الزواج بأقل من ذلك المهر، ولأن الأعراض يحتاط لها أكثر من غيرها من العقود الأخرى، ولأنه ما لا خلاف فيه مقدم على ما فيه خلاف.
٢-الأصل أن الولاية شرط في صحة عقد النكاح، لا فرق بين بكر وثيب، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم؛ لعموم النصوص التي تقضي باشتراط الولاية، والتي منها قوله -عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي" رواه الترمذي (١١٠١) وأبو داود (٢٠٨٥) وابن ماجه (١٨٨١) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وغيره مما مر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الولاية شرط تمام وليست شرط صحة، بحيث إن المرأة لو زوجت نفسها وهي بالغة عاقلة، ورضي أولياؤها بذلك فإن العقد صحيح ونافذ، وإذا لم يرض الأولياء فإنه يكون موقوفاً على رضاهم ولا ينفذ حتى يجيزوه ويأذنوا به، وذلك فهماً من قوله -تعالى-: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره"[البقرة:٢٣٠] ، حيث أسند الشارع أمر الإنكاح إليها، وقوله -تعالى-: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن"[البقرة:٢٣٢] ، وغير ذلك مما يطول ذكره.
وفرق آخرون بين الثيب والبكر فأجازوا للثيب أن تزوج نفسها، والمراد بالثيب: من كانت ذات زوج وتوفي عنها زوجها، أو طلقت وانتهت عدتها، ودليلهم على ذلك قوله -عليه السلام-: "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن" رواه مسلم (١٤٢١) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومعنى الأيم، أي: الثيب أحق بنفسها من وليها في تزويج نفسها، والأحوط أن يكون أمر التزويج إلى الأولياء ولو كانت أيماً، خروجاً من خلاف من منع هذا الزواج، وعملاً بعموم النصوص التي توجب الولاية في عقد النكاح، أو وجود إذن الولي، إلا إذا حكم به حاكم أو قضى به قاضٍ فإن العقد صحيحاً والحالة هذه، وبالله التوفيق.