للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- أن قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا) يدل على أنهم رأوا ذلك لأن الأظهر في " رأى " أنها بصرية، والذي يرونه بأبصارهم هو أن السماء تكون لا ينزل منها مطر، والأرض لا نبات فيها، فيشاهدون بأبصارهم نزول المطر من السماء، وخروج النبات من الأرض.

٢- أنه سبحانه أتبع ذلك بقوله: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ، والظاهر اتصال هذا الكلام بما قبله أي: وجعلنا من الماء الذي أنزلناه بفتقنا السماء، وأنبتنا به أنواع النبات بفتقنا الأرض، كل شيء حي.

قال الفخر الرازي في تفسيره: " ورجحوا هذا الوجه على سائر الوجه - يعني كونهما رتقاً بمعنى أن السماء كان لا ينزل منها مطر، والأرض كانت لا تنبت شيئاً ففتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات - بقوله بعد ذلك: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) ، وذلك لا يليق إلا وللماء تعلق بما تقدم، ولا يكون كذلك إلا إذا كان المراد ما ذكرنا.

٣- أن هذا المعنى جاء موضحاً في آيات أخرى، كقوله - تعالى -: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ) ، والمراد بالرجع: نزول المطر من السماء تارة بعد أخرى، والمراد بالصدع: انشقاق الأرض عن النبات.

والآية الكريمة مسوقة لتجهيل المشركين وتوبيخهم على كفرهم، مع أنهم يشاهدون بأعينهم ما يدل دلالة واضحة على وحدانية الله تعالى وقدرته، ويعلمون أن من كان كذلك لا يصح أن تترك عبادته إلى عبادة حجر أو نحوه، مما لا يضر ولا ينفع. هذا ولله أعلم.

ينظر: تفسير الطبري (٣/٦٠) ، أضواء البيان للشنقطي (٤/ ٥٦٣ - ٥٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>