وأما ما يفرج الهم ويزيل الضيق، فهو قراءة كتاب الله -تعالى-، وتدبره، والتعلق بالله -تعالى- عند نزول المصائب واستحضار المؤمن بأنه مبتلى في هذه الدنيا، وأنه مأجور عند الله -تعالى- إذا احتسب ذلك، ومن الأحاديث الواردة في إزالة الهم والحزن، ما رواه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:"ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب هَمِّي، إلا أذهب الله -عز وجل- همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا: يا رسول الله: ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: "أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" قال المنذري في الترغيب والترهيب (٢/٣٨٣) ، رواه أحمد (٤٣٠٦) ، والبزار، وأبو يعلي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، كلهم عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود - رضي الله عنه-، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه قال الحافظ: ولم يسلم" ا. هـ، ومن الأدعية المأثورة:"اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَع الدين، وغلبة الرجال" أخرجه البخاري في صحيحه برقم (٦٣٦٩) عن أنس -رضي الله عنه-. ومما يزيل الهم، ويوسع على المؤمن، الهجرة من بلاد الشرك، كما أخبر بذلك ربنا -عز وجل-، حيث قال:"ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة"[النساء من الآية: ١٠٠] قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية (٥/٢٤٢) : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: إن الله أخبر أن من هاجر في سبيله يجد في الأرض مضطرباً ومتسعاً، وقد يدخل في السعة، السعة في الرزق، والغنى من الفقر، ويدخل فيه السعة من ضيق الهم والكرب الذي كان فيه أهل الإيمان بالله من المشركين بمكة وغير ذلك من معاني السعة التي هي بمعنى الروح والفرج من مكروه ما كره الله للمؤمنين بمقامهم بين ظهري المشركين في سلطانهم.." ا. هـ والله -تعالى- أعلم.