وما ذكره السائل من كون قراباته يظهر عليهم الفسق فهذا لا يمنع الصلة، بل يصلهم ويناصحهم ويبذل لهم جهده لعل الله أن يهديهم على يديه، ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على هداية عمه أبي طالب -مع كفره- حتى ساعة الاحتضار، ولم ييأس منه إلى أن نزل قول الله تعالى:(إنك لا تهدي من أحببتَ ولكن الله يهدي من يشاء)[القصص:٥٦] ، كما أن عليه أن يدعو لهم بالهداية بظهر الغيب، كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو لقومه:(اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون) ؟
ونصيحتي لأخي السائل بتجنب القذف بالزنا فإنه أمر خطير، قال الله تعالى:(والَّذين يرمونَ المُحْصناتِ ثمَّ لم يأتوا بأربعةِ شهداءَ فاجلِدُوهم ثمانينَ جلدةً ولا تقْبَلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك همُ الفاسقون، إلاَّ الَّذين تابوا من بعدِ ذلك وأصلحوا فإنَّ الله غفورٌ رحيم)[النور:٤-٥] ، فقد حمى الشرع الحكيم أعراض الناس وأحاطها بسياج كثيف من الزواجر الرادعة، وجعل أيَّ اعتداء عليها سبباً للعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، فقال تعالى:(إنَّ الَّذين يرمونَ المُحْصَناتِ الغافلاتِ المؤمناتِ لُعِنوا في الدُّنيا والآخرةِ ولهم عذابٌ عظيم) ، [النور:٢٣] .
ولا شك أن ترك الألسنة تنهش في أعراض الناس وشرفهم، دون دليل قاطع يُنذِرُ بتفشي حالة من الشكِّ بين أفراد الأسر ويهدِّد بانهيارها. وقد نهى رسولنا -صلى الله عليه وآله وسلم- عن تتبُّع العورات، فقال:"يا معشر من أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمان إلى قلبه! لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبَّعوا عوراتهم، فإنه من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" رواه الترمذي (٢٠٣٢) وغيره. وقال أيضاً:«من علم من أخيه سيئة فسترها ستره الله عز وجل بها يوم القيامة» رواه أحمد (١٦٩٦٠) .
واعلم أخي السائل -وفقك الله- أن هؤلاء قرابتك، وما يشينهم قد يضرك في تعرض الناس لكم، فعليك بالنصح والتوجيه، إما بشريط إسلامي، أو كتيب في الحث على الأخلاق الفاضلة، ودع عنك ترديد الإشاعات؛ فإن ضررها على الجميع وخيم. وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه وأصلح له قرابته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.