على أن إيجاب الطاعة للزوج على زوجته لا يمنحه حق الاستبداد والتعسف، ومن فهم ذلك فقد جار على الشريعة، وأساء الظن بها، فالاستبداد داء خطير، لا يدخل مملكة ولا إمارةً إلا أفسدها وأذل أهلها، وأفضى إلى كراهية الرعية لراعيها.. الزوجة لزوجها، والأولاد لوالدهم، والمحكومين لحاكمهم.
لقد منح الشرع الحاكم والأمير والزوج حق الطاعة على أهل مملكته أو بيته، لكنه أوجب لهم عليهم حق الشورى وحرّم عليهم الاستبداد بالرأي، كما قال تعالى: "وشاورهم في الأمر.." [آل عمران:١٥٩] "وأمرهم شورى بينهم.." [الشورى:٣٨] .
أختي الفاضلة: ما أنصف أحد المرأة..زوجةً وأماً وبنتاً وأختاً كما أنصفها الإسلام، ففي مقابل ما أوجبه عليها من حق الطاعة لزوجها، أوجب الشرع لها على الزوج حقوقاً لم توجبها القوانين الوضعية، فأوجب عليه الرفق بزوجته، وأمره بمعاشرتها بالمعروف، حتى ولو كرهها، "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:١٩] .
وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوصي في خطبة الوداع بالنساء خيراً، فيقول: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ... " الحديث رواه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم والمرأة" أخرجه أحمد (٢/٤٣٩) ، وابن ماجة (٣٦٧٨) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الصحيحة (١٠١٥) .
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"،رواه الترمذي (٣٨٩٥) وأبو داود (٤٨٩٩) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وكان يغضب من ضرب بعض الأزواج لزوجاتهم، فوعظهم في النساء، وقال: "علام يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد، ثم يضاجعها من آخر الليل"؟!!.
وقولك: ((تنتابني الحيرة عن سبب تعظيم حق الزوج، فإن كانت المرأة لا تستطيع العيش بدون رجل، فالعكس أيضاً صحيح. وإن كان الرجل يكتسب، فالمرأة أيضاً قادرة على الاكتساب)) هو قول خاطئ؛ فليست المسألة مسألة عيش ولا اكتساب، نعم تستطيع المرأة أن تعيش وتكتسب بلا رجل، لكنها لا تستطيع أن تصبح أماً بلا زوج!، ولا تستطيع أن تشبع رغباتها من طريق الحلال بلا زوج، كما أن الزوج هو الآخر لا يستطيع أن يصبح أباً بلا زوجة، ولا أن يشبع رغباته بالحلال بلا زوجة.
إن الله أوجب على المرأة طاعة زوجها بالمعروف؛ لأن القوامة له، "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء:٣٤] .
وإنما جعل القوامة بيد الرجل؛ لأنه أقدر من المرأة جسداً وعقلاً، ولذا جعل الله النبوة والرسالة والرئاسة والإمارة في الرجال ولم يجعلها في النساء، وكلفهم بالجهاد وأسقطه عن النساء، لكن ليس في جعل القوامة بيد الرجل ما يوحي بتفضيل منزلته ولا بكرامته عند الله، فليس أحد أكرم عند الله من أحد إلا بالتقوى، فالأتقى هو الأكرم، رجلاً كان أو امرأة، عربياً كان أو عجمياً.
وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.