حالتك وحالات كثير من المسلمين تذكرني بقصة ذلك الأعرابي الذي أساء الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهمَّ الصحابة - رضي الله عنهم- أن يبطشوا به، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم- عطاء حتى رضي، ثم قال لأصحابه- رضي الله عنهم- "إنما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه، فذهب يطاردها، فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون، فما ازدادت الدابة إلا نفاراً وشراداً، فقال: دعوني ودابتي أنا أعلم بدابتي، فأخذ من خشاش الأرض، ولوح به لهذه الدابة، فما كان منها إلا أن انساقت إليه، وجاءت إليه فأمسك بها" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (٩/١٦) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
إن أولادك قد ندوا وابتعدوا عنك مؤقتاً، ولكن هذا لا يعني أنهم ابتعدوا عن الإسلام بالكلية، فكن معهم مثل الأعرابي ودابته، فإنه لا سبيل لك عليهم، وليس عندك إلا وسيلة واحدة هي وسيلة اللين والرفق.
لا تجعل لقاءك بهم عبارة عن دروس دينية؛ فإن هذا الأسلوب سينفرهم منك، بل لو خرجت معهم سواء مع زوجتك الحالية المحجبة، أو بدونها للتنزه في غابة، أو رحلة، أو سياحة نافعة، وجعلتهم بالعطف والحنان والمناقشة البسيطة الهادفة يلتصقون ويتعلقون بك ويحبون رؤيتك ولقياك؛ لكانت هذه بداية العود المحمود، والحل المنشود.
ثم انظر بعد ذلك في حل عملي سيحسم القضية بالكامل، واللبيب بالإشارة يفهم، ولأن يعيش الإنسان فقيراً في أرض الله، خير من أن يعيش غنياً تحت غضبه، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، والأرض كل الأرض للمسلم مسجداً وطهورا.
كما عليك أولاً أو أخيراً أن تجتهد في طاعة الله، فإن الله قد حفظ مال اليتيمين بفضله، ثم بطاعة والدهما قال -تعالى-: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك"[الكهف:٨٢] .
كما عليك أن تجتهد في الدعاء والابتهال إلى الله أن يرد إليك أولادك بالطريقة التي ترضي ربك وتقر بها عينك.
فعسى الله - سبحانه وتعالى- ألا يخزيك في ذريتك، ويجنبهم موارد الهلاك، آمين، وصلى الله على نبينا محمد.