قال ابن كثير- رحمه الله تعالى- مفسرًا الآية المذكورة (٤/١٨) : (يقول تعالى مخبرًا الناس أنه خلقهم من نفس واحدة، وجعل منها زوجها، وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوبًا، وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر، والعمائر، والأفخاذ، وغير ذلك.. وقيل: المراد بالشعوب بطون العجم، والقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون إسرائيل.. فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء- عليهما السلام- سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية وهي طاعة الله تعالى، ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضًا منبهًا على تساويهم في البشرية: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[الحجرات: من الآية١٣] . أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته ... قال البخاري (٤٦٨٩) : حدثنا محمد بن سلام: حدثنا عبدة، عن عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الناسِ أَكْرَمُ؟ قال:"أَكْرَمُكُمْ عندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ". قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ. قال:"فَأَكْرَمُ الناسِ يُوسُفُ نبيُّ اللهِ ابنُ نبيِّ اللهِ ابنِ نبيِّ اللهِ ابنِ خَلِيلِ اللهِ". قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال:"فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ ". قالوا: نعم. قال:"فَخِيارُكُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ في الإِسْلامِ إذَا فَقُهُوا") . ا. هـ. وانظر: تفسير ابن جرير (٢٦/١٣٩) ، وتفسير القرطبي (١٦/٣٤٣) . والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.