السنة المطهرة حجة باتفاق العلماء سواء منها ما كان على سبيل البيان للقرآن أو على سبيل الاستقلال، وقد دلت الأدلة المستفيضة من القرآن والسنة على وجوب اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم-، والتحذير من مخالفة أمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا"[النساء: ٥٩] ، قال ميمون بن مهران:(الرد إلى الله هو الرجوع إلى كتابه، والرد إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم- هو الرجوع إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته) ، وقال تعالى:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"[آل عمران من الآية: ٣١] ، وقال تعالى:"من يطع الرسول فقد أطاع الله"[النساء من الآية ٨٠] ، فقد جعل طاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- من طاعته سبحانه، وحذر من مخالفته فقال:"فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم"[النور من الآية ٦٣] ، فلولا أن أمره حجة ولازم لما توعد على مخالفته بالنار، وقال سبحانه وتعالى:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر"[الأحزاب من الآية ٢١] ، وقال سبحانه:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما"[النساء: ٦٥] وقال سبحانه وتعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"[الحشر من الآية: ٧] ، وقد فهم الصحابة - رضوان الله عليهم- من هذه الآيات وجوب الرجوع إلى السنة والاحتجاج بها، روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال:"لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وفي كتاب الله، قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، فقال: والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر من الآية: ٧] ، أخرجه البخاري ح (٤٨٨٦) ، وحينما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم- معاذاً -رضي الله عنه- إلى اليمن قال له: "بم تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله." أخرجه أبو داود ح (٣٥٩٢) .