إن كانت تلك الدولة الكافرة أعلنت الحرب العسكرية على المسلمين، وقام أهل البلاد الإسلامية بالدفاع عن أنفسهم وبلادهم عسكرياً، سواء كان هذا الجهاد من المسلمين للدولة الكافرة جهاد طلب أو دفع، فما أخذه المسلم من الكافر حال القتال فهو غنيمة لا يجوز التصرف فيه إلا بعد قسمته من ولي الأمر، أما مجرد كفر الدولة وحربها للمسلمين سياسياً أو اقتصادياً ونحوه لا يجعل رعاياها حربيين؛ لأن الغنيمة لا تكون إلا في حرب (قتال) في سبيل الله مع كفار حربيين وجهاً لوجه، سواء كان الجهاد للدفع أو الطلب، ولا يعتبر هذا المال المكتسب بالكذب غنيمة ولا فيئاً، ولا يجوز أخذه، وإن أخذ لزم رده إلى صاحبه، وإن تعذر ذلك تصدق به على الفقراء والمحتاجين بنية التخلص منه لا للتقرب به إلى الله، فإن الله طيب لا يقبل من الكسب إلا ما كان طيباً، وإذا كانت الغنيمة من حرب شرعية مع الكفار فلا يؤخذ منها شيء إلا بعد قسمتها على المجاهدين وبإذن الإمام، وما أخذ قبل هذا فهو غلول قليلاً كان أو كثيراً "ما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة"[آل عمران: ١٦١] ، وحديث صاحب الشملة التي أخذت من الغنيمة قبل القسمة وقاتل حتى قتل، وأثنى عليه الصحابة -رضي الله عنهم- خيراً، فأنكر عليهم الرسول - صلى الله عليه وسلم- قائلاً:"كلا والذي نفس محمد بيده إن الشملة لتلتهب عليه ناراً أخذها من الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم" قال: ففزع الناس، فجاء رجلٌ بشراكٍ، أو شراكين، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "شراك أو شراكان من نار" رواه البخاري (٤٢٣٤) ، ومسلم (١١٥) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، إذا كان هذا فيمن قاتل وقتل في سبيل الله لما أخذ من الغنيمة - ولو كان له حق فيها- ولكن قبل قسمتها فكيف بما دون ذلك مما ذكر في السؤال. والله أعلم.