وأما بخصوص ما سألت عنه من سرعة الغضب وكثرة اللعن، فاعلم أن الغضب من الشيطان وعلاجه سهل -بحمد الله- فدونك ما في البخاري (٣٢٨٢) ومسلم (٢٦١٠) من حديث سليمان بن صُرد - رضي الله عنه - قال: استبّ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل أحدهما يغضب ويحمّر وجهه، فنظر إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:" إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " الحديث ... فينبغي لك أن تُروض نفسك على الحلم والأناة وتجتنب الانفعال والغضب بالإكثار من الدعاء ومداومة الذكر والاستعاذة من الشيطان، وأما اللعن فلا ريب أنه من عظائم الذنوب وكبارها، ففي الصحيح من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال -عليه الصلاة والسلام-: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " متفق عليه عند البخاري (٤٨) ومسلم (٦٤) ، وكونك تخفض صوتك باللعن وتخفيه بحيث تسمع نفسك فقط ولا تسمع الآخرين، فهذا لا يعفيك من تبعة هذا الإثم العظيم، وأما إن كان اللعن لا يتجاوز حديث النفس ولم يترتب عليه لفظ أو فعل، فهذا داخل في نطاق العفو الذي وردت فيه الآيات الثلاث الأخيرة من سورة البقرة وفق ما جاء في تفسيرها على لسان النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - انظر ما رواه مسلم (١٢٥) ، وكذا ما رواه ابن ماجة (٢٠٤٣) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/٣٥٦) من قوله - عليه السلام -: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " قال النووي: حديث حسن، قلت: وله شواهد تدل على صحته.
والمقصود أنه ينبغي لك أن تجتهد في الابتعاد عن اللعن وتحذر أسبابه، وتسأل الله العافية كل حين علّه - تعالى - أن يعافيك ويعيذك، وينزل الطمأنينة قلبك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.