أخي أراك تسكب الزيت على النار، وتقول: لماذا تشتعل هذه النار، كيف تقوم باستدعاء المواقف والصور من خيالك وأرشيف عقلك وتتلذذ بذلك فيعظم سلطان الشهوة ويثور بركان الرغبة لهذه الفعلة -سبحان الله- ما هكذا يكون العلاج إذا مر بخاطرك مشهد يؤثر عليك فاقطع حبل الخيال، وقم واخرج من المكان، واعمل ما يصرفك كأن تتصل بالهاتف أو تخرج بالسيارة، وأما مشاهدتك للصور عبر الإنترنت فهذا يحتاج إلى استئصال، غض بصرك عن النظر إلى من تحب، ولا تغشى المواقف التي تستثار فيها شهوتك كالأسواق، وأمام المدارس، أو في مدرستك، أو في المناسبات، احرص على قراءة القرآن، وطول المكث في المسجد، والمبادرة إلى الصلاة، وكثرة زيارة المقابر وتشييع الموتى، وحاول أن تربط نفسك بالصالحين من عباد الله الذين تجد في أخلاقهم حُسْناً، أكثر من ذكر الله في خلوتك، وصل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأكثر من ذلك.
وهناك وسائل خاصة جداً:
لا تأوِ إلى الفراش إلا إذا غلبك النوم، لا تنم وحدك، ولا تجلس في الحمام إلا بقدر الحاجة، وادخل وأنت خائف، فإذا خرجت وسلمت فافرح، واحمد ربك، ولا تلبس من السراويل ما فيه فتحة من الأمام، ولا تنم إلا على طهارة وعلى جنبك الأيمن، ولا تنم على بطنك، والبس من السراويل ما هو واسع، وإياك والضيق والقصير، وابتعد عن جميع الكتب والمجلات والصور والمحالّ التي تذكر بما فيك، وإياك والتحدث للآخرين عن عملك، واستتر يستر الله عليك.
وإني أختم رسالتي إليك بآية من كتاب الله، وحديث من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال الله -تعالى-: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوْا مِنْ رَحْمَةِ اللَهْ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيْعَاَ"[الزمر:٥٣] ، بل يبدلها لك حسنات -إن صدقت توبتك-، "وَالَّذِينَ لا يَدْعُوْنَ مَعَ اللهِ إِلهاً آَخَرَ وَلا يَقْتُلُوْنَ النَّفْسَ الَّتِيْ حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحقِّ ولا يَزْنُونَ ومَنْ يَفْعَل ذلِكَ يَلْقَ أَثَاماً" إلى قوله "إلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وعَمِلَ عَمَلاً صَالحِاً فَأُولئِكَ يُبِدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِم حَسَنَاتٍ وكَانَ اللهُ غفُوْرَاً رَحِيْماً"[الفرقان:٦٨-٧٠] .
وأما الحديث فهو بشرى لك ما دمت تجاهد نفسك.
ولفظه:"أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله -سبحانه-: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت، فقد غفرت لك" أخرجه مسلم (٢٧٥٨) .
والله أسأل أن يحفظك من نفسك والشيطان، ويقر عينك بالاستقامة على الصراط المستقيم.
ملاحظة: في حكم استعمال العادة السرية خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنها مباحة، وقال آخرون: إنها مكروهة، وقال جمع: إنها محرمة، والراجح أنها مكروهة وعند الاضطرار إليها، فهي في حكم المباح، لكن الإدمان عليها له عواقب سيئة جداً.