إن الدين قد كمل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة: ٣] . ولم يكلف الله تعالى عباده بإحداث شيء، وزيادة عبادة. فما شُرع يعجز الإنسان عن الإتيان به كاملاً واستكماله، لو مكث عمره كله يعمل.. وإذا كان كذلك: فكل عمل محدث، يقع مكان عمل مسنون، ومن هنا كان ما قاله الإمام الأوزاعي غاية في الفقه: (ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ولا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة) .
وتأمل حال الصحابة، رضي الله عنهم، والتابعين ومن تبعهم: هل تجد فيهم هذه المحدثات؟
كلا، لا تجدها إلا فيمن بعدهم، ممن تأخر عن مقامهم، وخالف سبيلهم، ونحن إنما أمرنا باتباعهم، لا باتباع من بعدهم، ممن خالفهم، ولم يهتد بسنتهم.
إن مما يظهر خطورة البدعة أن صاحبها يحرم من الورود على حوض النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث: "إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، فَوَاللَّهِ لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِي رِجَالٌ فَلَأَقُولَنَّ: أَيْ رَبِّ، مِنِّي وَمِنْ أُمَّتِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ". أخرجه مسلم (٢٢٩٤) .
وقد كان عليه الصلاة والسلام حريصًا على أمته أن يجنبهم الابتداع في الدين، يقول: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ". أخرجه أبو داود (٤٦٠٧) والترمذي (٢٦٧٦) وابن ماجه (٤٢) .
قد جرى الصحابة على ذلك وثبتوا على الأمر كما أنزل، ولذا مر عصرهم وهو أزهى العصور وأعزها، يقول أبي بن كعب: (عليكم بالسبيل والسنة فإنه ليس من عبد على سبيلٍ وسنةٍ ذكَر الرحمن عز وجل ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فتمسه النار أبدًا ... وإن اقتصادًا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة) . أخرجه أحمد في الزهد ص ١٩٧، وأبو نعيم ١/٢٥٣، واللالكائي (١٠) .
بعد هذا التأصيل لحكم البدعة في الإسلام، نجيب مباشرة على السؤال الوارد فنقول:
- هل الذكر بالاسم المجرد: الله، الله، الله. ورد فعله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
اللهم، لا. ولو كان خيرًا لما فرط فيه.
- فهل ورد عن الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين، وتابع التابعين؟
اللهم، لا. ولو كان خيرًا ما فرطوا فيه.
إذًا، لم يرد عن أهل القرون المفضلة، الذين دعا النبي صلى الله عليه وسلم، لهم بالخيرية، فعمّن ورد إذًا؟
عن جماعة من المتصوفة.. وهل هؤلاء قدوة الأمة؟!
هل نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته، رضي الله عنهم،، لنقتدي بجماعة لا يدرى ما حالهم عند الله تعالى؟!
فلا مستند شرعيًّا لهذا النوع من الذكر، لا من كتاب ولا سنة، ولا من فعل الصحابة.
- ثم ما معنى أن يردد المرء: الله، الله، الله؟