فإن صلة الرحم واجبة، - كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية-؛ قال الله -تعالى-: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ"[محمد:٢٢] ، وفي الصحيحين البخاري (٤٨٣٢) ، ومسلم (٢٥٥٤) ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله - عز وجل- خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة؟ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك" ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقرؤا إن شئتم: " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" [محمد:٢٢-٢٤] ، وفي الصحيحين البخاري (٥٩٨٤) ومسلم (٢٥٥٦) عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة قاطع"، قال ابن أبي عمر: قال سفيان: يعني قاطع رحم، فالواجب عليك وعلى الزوجة الثانية أن تسعيا بما يعين أولادكما على صلة بعضهم لبعض، وألا يتهاجروا أو يتدابروا أو يتقاطعوا، فمهما طال الزمان أو قصر فهم إخوة من الأب، كما أنه يجب على الزوج أن يأمر أولاده بأن يصل بعضهم بعضا، ويسلم بعضهم على بعض، ويتصاحبوا ويتزاوروا ولا يتقاطعوا، فإن حصل من بعضهم ذلك فهو منكر يجب على الأب أن يغيره ما استطاع وبحسب طاقته، وألا يسكت عليه ولا يقره، بل ينصح أولاده، ويأمرهم بالصلة ويحملهم على ذلك، كما أنه لا يجوز للزوجة الثانية أن تمنع أولادها من زيارة أولادك والاختلاط بهم، ولكن لعل في ذهنها شيء أو في قلبها عليك شيء، ولعلك تذهبينه بإهدائها والإحسان إليها والتودد لها، فإن الهدية تذهب غل الصدور، وتزيل وحشة القلوب، وتقرب النفوس، وتزيد المحبة، وتعظم الألفة؛ كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم- حين قال: "تهادوا تحابوا" رواه مالك (١٦٨٥) والبخاري في الأدب المفرد (٤٦٣) .
وفقك الله وزوجك وذريتكما لكل خير، وجمع قلوبكم على طاعته ومرضاته؛ إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.