فاعلم- بارك الله فيك- أن الله لا يعذب أحداً حتى تبلغه الرسالة، وتقوم عليه الحجة، قال -تعالى-: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"[الإسراء من الآية: ١٥] ، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين البخاري (٧٤١٦) ، ومسلم (١٤٩٩) من حديث المغيرة - رضي الله عنه-: "ليس أحد أحب إليه العذر من الله -تعالى-، ومن أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين"، وفي لفظ لمسلم:" ... من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل" رواه مسلم (٢٧٦٠) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
أما الجزء الأخير من السؤال: وهو أن من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة وإن كان مسرفاً في المعاصي: فلتعلم - بارك الله فيك- أن الذي عليه إجماع أهل السنة أنهم لا يقطعون لمسلم معين بأنه في الجنة إلا من شهد له الرسول - صلى الله عليه وسلم- بذلك.
ثانياً: أن مجرد لفظة الشهادة بدون عمل واعتقاد لا يكفي، ولهذا لم تنفع المنافقين، وهم يقولونها عند النبي - صلى الله عليه وسلم- بألسنتهم، وكلمة الشهادتين قد قيدت بقيود وشروط من أتى بها وكان عارفاً بمعناها عاملاً بما دلت عليه صار من أهل الجنة، وهذه الذنوب والمعاصي التي يقترفها أهل الإسلام إن لم يتوبوا منها في الدنيا فهم في الآخرة إلى الله إن شاء غفر لهم، وإن شاء عذبهم في النار على قدر ذنوبهم؛ لأنهم مستحقون للعذاب ثم يخرجون منها بعد ذلك ...
وأهل الجنة هم المسلمون من أتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن سائر أتباع الرسل والأنبياء، ممن آمنوا بهم واتبعوهم في زمن نبوتهم وبقاء رسالتهم، والجنة والنار كلاهما سيمتلئان يوم القيامة كما في الصحيح أن الله -تعالى- يقول:" ... ولكليكما علي ملؤها"، أخرجه مسلم (٢٨٤٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-. والله أعلم.