وأما أجوبة الأسئلة المذكورة: استعمال الدف مندوب في ولائم الأعراس، ومباح في الأعياد ونحوها، للرجال والنساء، حرام فيما عدا ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"، صحيح البخاري (٥٥٩٠) ، وهذا يعم جميع المعازف الوترية؛ كالعود، والرباب، والقانون، والهوائية؛ كالناي والمزمار، والجوفية؛ كالطبول، لكن جاءت نصوص تدل على استثناء الدف في الأعراس والأعياد، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم- "إن فصل ما بين الحلال والحرام الصوت بالدف" رواه النسائي (٣٣٧١) ، والترمذي (١٠٨٨) ، وابن ماجه (١٨٩٦) ، وأحمد (٣/٤١٨) ، وسنده صحيح، ولغناء الجاريتين وضربهما بالدف عند النبي -صلى الله عليه وسلم- أيام العيد، انظر ما رواه البخاري (٩٨٨) ، ومسلم (٨٩٢) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
وعليه فإن سمعت الأناشيد المشتملة على الدف في الأعراس والأعياد فلا مانع منها، وفي غير ذلك لا يجوز سماعها.
واختلف أهل العلم في الدف هل يباح في غير الأعراس أم لا، كما اختلفوا في الموسيقى هل تباح أم لا؟ والصحيح في المعازف كلها التحريم لما قدمناه، إلا الدف في الأعراس والأعياد. والخلاف في المعازف ضعيف، ولا شك عندي في ذلك؛ لصحة حديث أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- المذكور سابقاً، والذي أخرجه البخاري، والقائل بحل المعازف قلة قليلة من أهل العلم.
من أباح المعازف بعد نظره في الأدلة وكان أهلاً للاجتهاد، ورعاً في دينه فلا يجوز الطعن فيه؛ لأن هذا ما أداه إليه اجتهاده، ولا يكلف بغيره، لكن يرد عليه، ويبين له الصواب، ومن أباح المعازف ضعَّف حديث أبي عامر- رضي الله عنه-، مع أن على حرمة المعازف أدلة أخرى، وهو قول الأئمة الأربعة.
وأما الشباب المستقيم المعتقد حل الموسيقى فإن كان بذلك مقلداً لعالم يراه الأوثق في علمه ودينه من بين علماء الأمة فلا تثريب عليه، لأنه أدى ما وجب عليه، وإن كان بذلك متبعاً لهواه ورأيه المجرد فهو آثم فاسق. وهجره تراعى فيه المصلحة، فإن رآه ينزجر به هجره، وإلا لم يهجره.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه - وصلى الله على محمد - وآله وصحبه وسلم.