الحمد لله، من يقول من الناس إن الله جسد أو جسم، أو إن الله ليس بجسم فإنه محدث في صفاته ما لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولفظ الجسم أو الجسد كما يعبر بعض الناس -مع أنه لم يرد في صفاته- هو لفظ مجمل وقد يراد به حق، وقد يراد به باطل، فمن تكلم بهذا اللفظ وأمثاله فإن الواجب أن يستفصل عن مراده؛ فإن كان حقاً قبل ما أراد وإن أراد باطلاً رد، ومن أجل ذلك لا يجوز إطلاق هذه الألفاظ في صفات الله لا نفياً ولا إثباتاً، وهذا سبيل أهل السنة والجماعة، لا يصفون الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وإثبات الصفات التي جاءت في كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- هو الواجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، فتثبت لله الصفات مع نفي التمثيل ونفي العلم بالكيفية، ومن قال: إن من يثبت لله الصفات يكون مجسماً فإنه مفتر فيما يقول، فأهل السنة الذين يثبتون لله الصفات كالوجه واليدين ويثبتون علو الله على خلقه؛ لا يقولون إنه تعالى جسم كما لا يقولون إنه تعالى ليس بجسم، فلا يطلقون هذا اللفظ لا نفياً ولا إثباتاً كما تقدم، وهذه الشبه وهي أن إثبات الصفات يستلزم التجسيم، هو الذي حمل المعطلة كالمعتزلة على نفي صفات الله التي أخبر بها سبحانه وتعالى، وأخبر بها رسوله -عليه الصلاة والسلام- فضلوا بذلك عن الصراط المستقيم، وعارضوا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بعقولهم، وتنقصوا رب العالمين الذي يجب إثبات الكمال له، وكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله -عليه الصلاة والسلام- فإنه كمال لا نقص فيه، وهو ثابت له على ما يليق به سبحانه، لا يماثل في ذاته ولا في صفاته ولا أفعاله أحداً من خلقه، ولا يماثله أحد من خلقه، كما قال سبحانه:"ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"[الشورى: ١١] ، والله أعلم.