قال شيخ الإسلام ابن تيمية- بعد أن ذكر الحديث السابق -: (ولم يجعل هذا لغيرهما، بل ثبت عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين وهذا يتناول الأئمة الأربعة وخص أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما- بالاقتداء بهما، ومرتبة المقتدى به في أفعاله وفيما سنه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط) وقال ابن تيمية أيضاً: (أهل العلم متفقون على أن أبا بكر وعمر-رضي الله عنهما- أعلم من سائر الصحابة-رضي الله عنهم- وأعظم طاعة) الفتاوى الكبرى (٤/٢٧٠) ، وإذا كان العبادلة-رضي الله عنهم- أو غيرهم من الصحابة-رضي الله عنهم- نقل عنهم من الحديث ما لم ينقل عن الخلفاء الراشدين فإن ذلك بسبب تأخر وفاتهم، واحتياج الناس إلى ما عندهم في زمانهم، ولا يدل هذا على تقديمهم على الخلفاء الراشدين في الإمامة والعلم. قال ابن تيمية:(الذين تأخرت حياتهم من الصحابة-رضي الله عنهم-، واحتاج الناس إلى علمهم، نقلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة لم ينقلها الخلفاء الأربعة ولا أكابر الصحابة-رضي الله عنهم-، لأن أولئك كانوا مستغنين عن نقلها؛ لأن الذين عندهم قد علموها كما علموها، ولهذا يروى لابن عمر وابن عباس وعائشة وأنس وجابر وأبي سعيد ونحوهم من الصحابة-رضي الله عنهم- من الحديث ما لا يروى عن غيرهم ممن هو أعلم من هؤلاء كلهم، لكن هؤلاء احتاج الناس إليهم، لكونهم تأخرت وفاتهم وأدركهم من لم يدرك أولئك السابقين، فاحتاجوا أن يسألوهم واحتاج أولئك أن يعلموهم ويحدثوهم) . منهاج السنة (٨/٥٧) وذكر ابن تيمية في موضع آخر أن أبا هريرة رضي الله عنه أكثر رواية، وابن عباس-رضي الله عنهما- أكثر فتيا، والخلفاء أعلم منهما، وهذا نص كلامه:(فابن عباس -رضي الله عنهما- كان أكثر فتيا منه - أي علي-رضي الله عنه وأبو هريرة-رضي الله عنه- أكثر رواية منه وعلي-رضي الله عنه- أعلم منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما أيضا، فإن الخلفاء الراشدين-رضي الله عنهم- قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص " ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٤/ ٣٩٨ - ٤١٢) هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.