(ولقد كان النهج الذي قبسه (البنا) من القرآن وعززه بالعلم، ونشره بالبيان وأيده بالمعاملة، كان من الجد والصدق والعزيمة بحيث زلزل أقدام المستعمر، وأقض مضاجع الطاغية، وخيب آمال المستغل، فتناصرت قوى الشر على الدعوة العظمى وهي تتجدد في كل مصر، كما تناصرت قوى الشرك عليها، وهي تولد في الحجاز، ولما كان حسن البنا فكرة لا صورة، ومبدأ لا شخصًا، فإن الفكرة الصالحة تنمو نماء النبت، والمبدأ الحق يبقى بقاء الحق) () .
وأما دعوة البنا وفكرته فقد أوضحها في رسائله، ومن أبرزها رسالة التعاليم التي أوضح فيها فهم الإسلام في عشرين أصلاً، وكذلك في مواطن أخرى.
وقد انتقد البنا عددٌ من الكتاب، وجملة الاعتراضات تتركز في ثلاثة جوانب؛ الأول الجانب العقدي؛ اتهم فيه بالتفويض في الأسماء والصفات، وبعدم التحرير في موضوع التوسل، كما اتهم بالتصوف. وانتقد في سياسة الحرص على جمع الناس والترخص في ما قد يكونون عليه من تفريط وتقصير عقدي أو سلوكي. وقد انتقدت سياسته التي عبر عنها بقوله:(نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه) . كما انتقدت صور من ممارسات جماعته بعد وفاته، وتعرض بهذه المسائل بتوضيحها وبيان القول فيها عددٌ من الكتّاب من أتباعه ومؤيديه مثل د. عصام البشير في كتابه (أضواء على الأصول العشرين) ، ود. جاسم مهلهل الياسين في كتابه (للدعاة فقط) . كما كتب كثيرون عن شخصيته وعن جماعته ودورها وآثارها. وبالرجوع إلى ما سبق من قواعد فإن البنا رجل يخطئ ويصيب ويؤخذ من قوله ويرد، وفي الوقت نفسه فإن المنصف يرى أن حسناته أكثر بكثير من أخطائه وأن الأثر الذي تركه من بعده نما وترعرع وشمل البلاد الإسلامية كلها تقريبًا وعمّ بها النفع، وحسبه أنه بذل ولم يمنع وعمل ولم يكسل وتحرك ولم يسكن وأقضّ مضاجع الأعداء حتى تآمروا عليه وقتلوه رحمه الله.